للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(حصوني) و (أموالي) و (وزيري) و (مستشاري) تلك عبارات نسمعها من فمه كثيراً بمثل اللهجة التي يقول بها (جوادي) و (أولادي) و (خطبي).

وإعلانه عن نفسه قد يلبس لباس المروءة والكرم فقد كان وجهه مشرقاً بضياء الفرح والزهو يوم أنبأ البلاط في حادثة حريق معرض باريس بأنه بعث صكاً بعشرة آلاف فرنك إلى لجنة مساعدة منكوبي الحريق فكأنما كانت تقول عيناه إن العالم بأسره سيتحدث ولا ريب عنها، أفي وسع رجل أن يعمل أكثر من ذلك لعدو أهلي؟.

وفي مساء ذلك اليوم، حتى قبل أن تعلم الصحف بأمر الاكتتاب جاء الإمبراطور رسالة برقية من سفيره في باريس تقول سيحملون جلالتك على باريس سنة ١٩٠٠ في موكب فخم عظيم.

ولكن لم يكد يمضي شهر حتى عم السيل مقاطعة ورتمبرج وخرب منها ما خرب فلم يجد الإمبراطور مالاً عنده أو كلمة عزاء يدفها إلى المنكوبين والمحزونين!.

واللاتي وقع غليوم في حبهم اشتهرن بنعومة أيديه ورخصها وبضاضتها وتناسب أجزائها وحسن منظرها، وترى الإمبراطور لا يريد أن يحفل بأية غادة يتلقي في المحفل، اللهم إلا إذا كانت ناعمة اليد حلوتها، حتى ولو كان لها مع ذلك منقار النسر أو ثدي الدجاجة أو حدبة الأحدب، وإنه ليجاذبها إذ ذاك أطراف الحديث ويأخذ في التشيب بجمال يدها، فإذا قامت لتنصرف قبل يدها تقبيلة واحدة إذا رأى من الحضور أعيناً راقبة، وعشر تقبيلات إذا لم يكن ثم رقيب.

ثم لا عجب أن يكون لبس القفازات في القصر أمراً إجبارياً على نسائه ووصيفاته فإن الإمبراطورة، ولم ينعم الله عليها بجمال اليد ونعومة الكف، تحظر على نسائها ترك القفاز أو نسيانه، ولكن ترى الإمبراطور في بعض جلسات العشاء بعد مرقص أقيم أو غناء صدح يسأل دائماً بعض سيدات البلاط والزائرات أن يخلعن عنهن قفازاتهن. وقد قال يوماً على المائدة (إني لا تأفف من اليد والزند المختفيين، وراء القفاز تأففي من السيدة في ردنجوت تتبرقع!).

واعلم أن الإمبراطور وإن كانت تهفو نفسه في أثر اليد الناعمة والكف الحلوة إلا أنه ليجن غراماً إذا زانها زند بديع ومعصم جميل. وهو على أنه ليس بالرجل الجواد الكريم تراه