للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والخرافات شائعة بينهم، حتى لقد بلغ من تأثيرها عندهم أن الرجل قد يلقى في روعه أنه سيموت، فلا ينثني عن مكانه رافضاً الطعام والشراب، طالباً الموت حتى يدركه.

ومنهم قبائل كثيرة تعتقد أن كل أسرة منهم يجب أن تظفر في العام برأس آدمي وإلا حاق بها الويل، ونزل بها العذاب، من مرض أو جراح أو جدب أو قحط أو موت، فإذا اصطاد أحدهم جمجمة رجل دفنها تحت أرض الكوخ الذي يقيم فيه، ووضع فوق مكان الحفرة ألواحاً يضع فيها نذراً للشياطين والأرواح الشريرة، فإذا فرغ من ذلك هجر الكوخ، منتظراً الفرج والتيسير، مرتقباً الخلاص من الأمراض والأخطار مؤملاً النجاح في صيده، والتوفيق في أمور معاشه.

وهم يعدون الرجل الذي يفقد في هذا السعي جمجمته أنه قد جاء بعار لا يمحى، ووصمة لشرف الأسرة لا تزول، فلا يدفنونه بينهم، بل يقذفونه على رابية أو جبل بعيد عن القرية وأهلها، ثم يحفرون له حفرة في الأرض ويضعون رمحه فوق الحفرة إشارة إلى أنه قتل محارباً، ولا يحملونه إلى الحفرة على نعش بل فوق درغه يشدون بينها وبين عمود من الخشب بالحبال.

والقبيلة التي يظفر أحد رجالها بالجمجمة تقيم حفلة عظيمة بينها، فيسيرون بالجمجمة صارخين فرحين مهللين، ثم يعدو كل إلى داره فيجيء بقطعة نظيفة من لحاء الشجر فيغمسها في دماء الجمجمة والعنق فإذا فرغ من ذلك أسرع إلى البيت فعلقها على باب داره، لأنهم يعتقدون أن ذلك يمنع الأمراض، ويحمي أهل الدار من انتقام أصحاب القتيل المقطوعة عنقه.