للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الطبيعة صوتاً منتحباً مجهشاً.

انظروا، هذه هي المادة قد استكانت لشرور الخليقة ومفاسدها، وذلت لفوضى السيئة وتمردها، والهفاه، إن البدن يتلوى ويتعذب، واحسرتاه، إن الحياة غير من العدم.

إن العناصر لتتقاتل في جوف الدنيا وتتحارب، إنها لتتطاحن في أحشاء الكون وتتضارب، وإن الزمن ليذبل وردة الحياة، ويذبل غلائل الخليقة، متربعاً فوق الأطلال التي ركمها، متهادياً بين الرسوم العافية التي كدسها، واقفاً على رأس الكائنات المتحولة يريد ابتلاعها، مقيماً على مرصد من الأحياء يرتقب التهامها، وهذا أخوه الموت يختطف أصول الإنسانية من حجور الأمهات، ويخنق الجذور البشرية في أحضان الوالدات.

لقد استنامت الفضيلة للقحة، وسادت الخسة على الشرف، وطرد الصدق، ونفي الحق، وراحت الحرية هائمة، تعرض قرباناً لآلهة العالم، وأرباب الإنسانية، ومضت القوة الظالمة الجائرة، تسحب الأذيال متملكة، سادلة الثوب متسيطرة، ووقع الثراء لأهل الجرائم، وأصبحت كبائر الإثم حلالاً وشرعاً، وورث الآباء جريرة الأبناء؟ وقص الجيل المخف الذاهب همومه وآلامه للجيل المقبل القادم.

أيتها القوة الإلهية، رويدك رويدك. . . حسبك هذه العذابات والمثلات، كفاك هذه الأدعية والابتهالات، هذه الضحايا والفريسات، وأنت أيتها الشمس، الشهيد القديم على شقاء الأرض، هلا ولدت يوماً واحداً، لا يشعل أوجاع الموجعين، ولا يوقدهم المكروبين المحزونين.

أي وراث الأحزان، وحملة الأشجان، وفرائس الحياة، لن تبرحوا على الهم غادين ورائحين، حتى يقبل الموت، فاتحاً أبواب معبده، قاذفاً في جوف الأبد الساكن حزن الأبد!.