للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إخراجها اليوم إلى حيز التحقيق إذا استطعنا أن نتغلب فقط على تلك الفكرة الخالية التي يتشبث بها اليوم جمع كبير من السياسيين والحكوميين وهي أن كل كل دولة تستطيع أن تحتفظ بالسلم مع كونها غير مسؤولة أمام غيرها ولا مرتبطة بأدنى رباط مع بقية الدول الأخرى

ولكن لعل وزارات الخارجية وزراءها وكبار المفوضين والسياسيين سيثيرون اعتراضا حارا على هذه الفكرة لأنها ستجهز على عصر الأسرار وتختم عهد الدسائس. وستطهر العالم من تلك الاتفاقات السرية والمكائد المعقودة في الظلام التي كانت الأساس الأكبر الذي قامت عليه معاهدات الماضي ومفاوضاته واتحاداته ولكن صالح الإنسانية فوق كل شيء وذلك لأن المتتبع للمفاوضات التي ساقت العالم إلى هذه الحرب لا يشك في أن اكبر أسباب هذه المجزرة الهائلة أن جري السياسيون على التكتم والائتمار والخلفي ولو أنهم تكاشفوا وتصارحوا لما قذفوا بالعالم في هذه الهوة السحيقة من التدمير والتخريب

(٢) والوسيلة الثانية هي أن تلغى السفارات لأن السفارة في المملكة عين عليها واشية خائنة نمامة وهل كانت السفارات الاجاسوسيات منظمة تحت ستار خدعة؟ وليس تمت من خطر على علاقات الدول ومصالحها المشتركة مادام القناصل هم القضاة المدنيين الذين يعملون على الاحتفاظ بحقوق رعاياهم.

حتى إذا تم النجاح لهذه الفكرة فأنشئ هذا البرلمان الدولي العام فأن أول مسألة خليقة بالبحث جديرة بالتدبير والتفكير هي إلغاء التسليح فإن المراقب لشئون السياسة في نصف القرن الأخير لا يستطيع أن ينكر أن ذلك الدأب العظيم على التسليح والاختراع المدمر ولابتكار المميت هو الذي جر إلى فظائع التقتيل الواقعة اليوم وحصد الجسوم وتفتيت الأبدان وتقطيع الأوصال والأشلاء فإن ملايين القتلى في هذه الحرب لم تقتلهم إلا تلك المخترعات الجهنمية الشيطانية وليدة العبقريات الشريرة ونتاج العلم المدمر.

وهناك وجه آخر من سيئات هذه المخترعات وفظائع هذا التسليح حقيق كذلك بالبحث والتفكير وذلك أن الدول العظمى تمد الممالك الصغرى والشعوب الهمجي المتبربرة والأمم التي لم تعد بعد طور التكوين الاجتماعي بتلك الأسلحة والمخترعات عينها فتسلح جنوب إفريقيا مثلاً وجمهوريات بيرو والبرازيل والمكسيك بل ترى الصين وإفريقيا حافلة بالآلات