للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من غير أن يرثي لحالها أو يصغي لأنينها أحد. يعدها الرجال من سقط المتاع فلا تستحق منه رأفةً. ويظهر أن هذه حالها لدى جميع المتوحشين مع تفاوت في الشدة حسب الطبائع والأمزجة. ففي (بولونيزيا) لا يسوغ للمرأة أن تنضج طعامها مع طعام زوجها على نار واحدة ولا يحق لها أن تأكل في الكوخ الذي يأكل فيه ويحرم عليها بتاتاً أن تلمس قبعته وسلاحه بيدها لئلا تدنسها ويجب عليها أن تطيعه وتسلم نفسها لمن يريده من ضيف أو صديق وتحمل أجر عفافها.

ولا يقل متوحشو أمريكا قسوة وفظاعة عن بقية المتوحشين ففي (فيجي) إذا شاخت المرأة تقتل خنقاً بدخان خشب أخضر ويؤكل لحمها. وإذا سئل الرجل لماذا لا يبقى على امرأته ويذبح كلبه قال الكلاب أنفع لنا من النساء فإنها تجلب إلينا الصيد. وهذا هو جزاء المرأة على شقائها ونزولها الماء الزمهرير لصيد السمك والمحار وتعرضهن لجميع الأخطار والمتاعب لخدمة زوجها مدة شبابها.

أما في بقية القارة الأمريكية حيث العيش أقل ضنكاً لا تؤكل كل النساء ولكن مقضي عليهن طول الحياة بأشق الأعمال فهن اللاتي يحملن الأطفال والأمتعة حينما تنتقل من مكان لأخر ويحرثن الأرض ويحصدن الزرع ويهيئن الطعام ويسحبن العربات إذا لم تتوفر الخيل.

أما في آسيا فأرق طباعاً من القارات التي سبق ذكرها. والمرأة فيها أحسن حالاً ولكنها لا تعد سعيدة على كل حال ففي الصين حيث المدينة أرقى وأرسخ فدماً تساس المرأة بنوع من الشفقة غير أنها أقل قدراً واحتراماً من الرجل. إذا ولد لأحدهم بنت ولم يكن له ابن حزن وأعد نفسه عقيماً، وتباع الفتيات الصينيات في الأسواق كالسلع. ولا يسوغ للصينية أن تأكل مع زوجها وأبنائها الكبار ويجب عليها أن تقف في أدب وسكون لخدمة زوجها أثناء طعامه.

وفي (برماني) شهادة المرأة وحدها غير كافية وإذا طلبت الشهادة أدتها على باب المحكمة من غير أن تدخل خوفاً من أن تدنس المحكمة. والأب بمقتضى شريعة (مانو) قيم على ابنته إلى أن تتزوج فإذا تزوجت أصبح زوجها القيم عليها فإن مات فإبنها أو أحد أقارب زوجها فإن لم يوجد واحد من هؤلاء فالملك. ويتحتم عليها كلما قابلت زوجها أن تقابله ببشر وبشاشة ويجب عليها أن تحترمه وتقدسه ولو خانها ولا تذكر اسم رجل آخر إذا