يلمسون وأول شخص ألتقي به جده ثم آخرون عرفهم في هذه الحياة وآخرون سمع بهم وقال أن الليل لا يتبع النهار. كما هي الحال في الأرض بل أن الظلام لينتشر إذا أحببنا أن يكون ظلام. وليس الوقت الذي بين النور والظلام واحداً في جميع الأحوال. وقال رايمون أنه يسكن بيتاً مبنياً من الأجر. وإن هناك أشجاراً وأزهاراً وكتباً وموسيقى. وقال أنه لا يأكل لأنه لا يريد ذلك. ولكن هناك كثيرين يأكلون متى يريدون وهم يطاف عليهم بما يلوح شبيهاً بأطعمة الأرض.
وكان ريموند هذا في الدنيا ماجناً مزاحاً، ولذلك لا يزال يمزح في بعض رسائله، فقد جاء في إحداها ما يأتي جاءنا شخصٌ منذ أيام. فلم يلبث أن افتقد السجاير وكان يدخنها في الأرض، فظن أن ذلك قد زال الآن وأنهم لا يستطيعون هنا أن يجيؤه بلفافة من التبغ. ولدينا هنا مصانع ومعامل يصنعون فيها أشياء كثيرة. ولكن ليس من المادة كما تفعلون بل من الأبخرة والأثير والهواء. وهكذا جيء إليه بما يشبه السيجارةوإذا رآها الرجل وثب فرحاً بها. غير أنه لم يكد يدخنها حتى طابت نفسه، وبعد السيجارة الرابعة لم يعد إلى طلب التبغ مرة أخرى.
والأجسام لا تزل كما كانت. لأنه يتحرك ويمشي كما كان هنا بيد أن الأجهزة الداخلية في البدن قد تغيرت وتبدل نظامها عن نظام جسومنا في هذا العالم. وقال أنه لم ير إلى الآن دماً، وأن له وجهاً وحاجباً وهدباً ولساناً وأسناناً، وأنه قد نبت له سن جديد في موضع السن التي كانت فاسدة في الدنيا. وقد عرف رجلاً كان في هذا العالم مقطوع الذراع. ولكنه الآن ذو ذراعين صحيحتين، وأنه إذا كان البدن مهشماً عند الوفاة، فلا يلبث حتى يستقيم ويعود تاماً مكتملاً. وأنه أحب في أول الأمر أن يلبس أثواباً تشبه الأُواب التي كان يرتديها في الدنيا، فكان ذلك. ولكن الناس هنا تلبس سرابيل بيضاء. فلم يسعه إلا أن يحتذي حذوهم.
وقال أخيراً أن الناس في العالم الجديد لا يتزوجون ولا يلدون، وأن العاطفة بين الرجال والنساء قد تغيرت، ولاسيما بين المرء وزوجه، ولكن لا تزال العاطفة باقية بين الأم وابنها والأب وابنته. وأنبأ ريموند أباه كذلك أنه يسكن في الطبقة الثالثة وتسمى أرض الصيف وفي هذه الطبقة طرق ومنازل وأشجار وأزهار، وأنه يوجد طبقات فوقها وأخرى دونها، وأن أرض الصيف هذه قريبة من الكوكب الأرضي، وأن النجوم لاتزال ترى كما كانت