للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متثنية رائعة الجمال في لبسها الأسود وأكمامها البيضاء، وعلى كتفها شارة الصليب الأحمر. وكانت شاحبة اللون واجمة الوجه تنم هيئتها عن ألم وحزن صامتين، وفي إطراقة رأسها الجميل ورنوة عينيها النجلاوين السوداوين شيءٌ من السمووالنبل. نريك تقاطيع وجهها وتناسب معالمها جمالاً رائعاً فاتناً، حتى ليدور في خاطرك أنك لتتطلع عليها بهذا الجمال، في أي لباس تلبس وأي موطن تقف وأما رفيقتها فكانت أقصر منها قداً ولا تكاد تدانيها في صباحتها، عليها فواتن من الجمال كانت كافية لأن تحدث هذا الإهتمام الشديد الذي ظهر على الجراح. كانت متشحة في رداء أسود كبير يعم جميع جسمها ورأسها، وكان يدور من ضعف صوتها وتراخي مشيتها أنها متعبة فلما دخلتا قال الجراح، عليكما أن تتذكرا أمراً واحداً أيتها السيدتان، وهو أن تحذرا من فتح النافذة مخافة أن ينفذ منها نور الصباح. وأما بعد ذلك فنحن هنا في راحة طيبة ودفئ، ألا تمالكي يا سيدتي العزيزة جأشك واعتمدي أعلى حماية رجل فرنسوي مخلص إليكي وراح يؤكد كلماته الأخيرة بأن رفع بكل جسارة يد السيدة شفتيه فطبع عليها قبلة حارة. وفي تلك اللحظة أزيح الستر وظهر أحد الممرضين فقال إن ضمادة من الضمادات انفكت وإن الجريح في حالة تنذر بالخطر، فوضع الجراح يد السيدة كمن يستسلم إلى أمر القضاء وانطلق ليباشر واجبه في المطبخ وخلت الحجرة للسيدتين.

قالت الممرضة، هلا أخذت لك مقعداً يا سيدتي؟

فأجابتها رفيقتها بلطف لا تدعيني بالسيدة، إن اسمي جريس روزبري وأنت فما اسمك؟

فترددت الممرضة ثم قالت ليس لي اسم جميل كاسمك وترددت ثانيةً ثم عادت فقالت بعد تفكير. نادني بهذا الإسم مرسي مريك!

قالت مس روزبري في لهجة حلوة كيف أستطيع أن أشكر لك حنانك وبرك بإمرأة غريبة مثلي؟

فأجابت مس مريك بشيءٍ من البرود لم أعمل غير واجبي فلا تتكلمي عنه

قالت الأخرى كيف لا أتكلم عنه. . ما كان أسوأ حالتي يوم لقيتني لما طردت الجنود الفرنسوية الألمان، فقد أوقف العدو مركبة السفر التي كنت فيها وأخذوا الجياد وسرقوا نقودي وأمتعتي وابتلت أثوابي من المطر، وإني لمدينة لك بوجودي في كنف هذا المكان