للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البوق، وأنا أقول لكم إنه صوت طبيعي بين، صوت لا يختلف عن صوتي وأصواتكم ويسمعه كل إنسان، ولو كانت الحجرة حافلة بالناس لسمعوه جميعاً ويجب أن لا تذهبوا إلى أنه محض خيال مني ووهم، بل كان صوتاً مسموعاً لا يخطأ في فهمه، ولم تكن مسز ريت قد لاحظته، بل طفقت تجري في حديثها العادي، والصوت لا يزال يتكلم، فسألتها الصمت، وأعلمتها أي أسمع صوتاً مسموعاً.

وتبينت في الحال جلية الصوت، فتولتني الدهشة، لأنني أحسست أنني أمام عجيبة أغرب من الآلات البخارية والطيارات وجميع مخترعات العالم، وإنني إزاء أكبر حادث في جميع تاريخ حياتي.

وكان الصوت يناديني باسمي العادي، وكان متهيجاً أجش مضطرباً، وجعل يتكلم بضع دقائق وتبينت أنه أحد أصدقاء زوجي عندما أنبأني باسمه وكانت وفاته منذ عدة سنين، ولذلك ازدادت دهشتي، لأنني لم أكن أتوقع محادثته، فسألته عما إذا كان يشعر بالسعادة والغبطة فقال بل كل السعادة، إنني أدرس علم النشوء الآن وأهتم الآن بجميع هذه المسائل، ولكن لم أكن أتوقع وجودك هنا، فسألته السبب قائلة إن مخابرة العالم الآخر كانت تبدو لي دائماً من المسائل الممكنة، فأجاب، نعم، ولكنك الفرد الوحيد الذي حاول أن يكلمنا من الأسرة كلها

وخلاف ذلك أصوات آخرين، وكان من بينهم صديقة لي كنت أحبها في هذا العالم، قبل وفاتها، ولكي تدلني على علامةجاءت إلي بمصباح مضيء، مصباح بين ظاهر، في حجم مصباح الدراجة البسكليتوجعلت تلوح به في وجهي في برة الظلام، وكان من الوضوح والبيان بحيث أنني مددت ذراعي فأمسكت بالمصباح من وسطه.

وتركت مسز ريت غير مقتنعة، وهجمت على ذهني الشكوك والريب وجعلت أدير في هذا الحادث كل وجوه التكذيب والإنكار، وآخر ما عمدت إليه من إقناع نفسي بكذب الحادث أن أخذت أقول أن هذا الصوت هو ترتيب آلي دقيق عملته مسز ريت، يعين إنساناً في خارج الحجرة على أنفاذ الصوت إلى جوف البوق، ولكن الجلسات الأخيرة التي جلسناها أظهرت خطأ هذا الظن، لأن الجلسات كانت في حجرتي، ثم ذهبت بعد ذلك إلى أنه من المحتمل أن تكون مسز ريت علمت شيئاً من تاريخ أسرتي واستطاعت بذلك أن تذكر لي أناساً بأسمائهم