للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذا حركته تغير المنظر، وتوارى هذا الستار، وجد ستار آخر على فصل من أغرب فصول الفودفيل الخليع، وأنت قد تلقى رجلاً يحب الصلاة، ولكنه يميل بطبيعته على السكر، وهذه مناقضة لا تغيب عن ذهن الطبيعة، ولكنها تريد أن تلعب بالناس وحسبه، ولهذا ترى حيرة الرجل بين هذين الميلين مجونية مضحكة، إذ تجده يسقط فوق ركبتيه ركوعاً لله، في ميقات من مواقيت الصلاة، ويسقط مترتحاً ساجداً للكأس في موعد من مواعيد الشراب، ثم لا تنسى أن الصلاة هي محاولة التقرب من الله، وإن الشراب أيضاً هو محاولة إخماد الحس، أي أنه محاولة الإقتراب من الموت، والموت هو من نفسه اقتراب من الله.

الحياة أضحوكة أيها الناس، وأبدعكم من كان أشد إضحاكاً من الجميع، والهازئ بالحياة أصلح لها من المقطب لها الجاد في الحرص عليها، والإبتسامات ألطف من العبرات، وخير للإنسان أن يكون مضحكاً من أن يكون كايوسا وأن يكون مفرقعاً من أن يكون سائلاً لأن الضحك ليس إلا فرقعة من مفرقعات العواطف، وهو انفجار أشبه بانفجار النيازك في الأعياد، لأنه انفجار كثير الألوان، زاهي الأصباغ، أما الدموع فهي العواطف ذائبة، والأحزان سائلة، فإذا جاشت بنفسك دمعة وأرادت أن تهجم على عينيك، فلا تدعها تسيل وتنحدر، لأنها ماء الروح، وخير لروحك أن تظل بمائها، حتى لا تجف وتنصب، ولكن عليك أن تحيل هذا البكاء ضحكاً هستيرياً متشنجاً، حتى تدع الذي يراك يبتسم لك ويكون صدى ضحكتك، إذ ينبغي أن تحاول جهدك أن لا تظهر أمام الناس حزيناً، لأن حزنك ثقيل الظل على الناس، مكروه المظهر في المجلس والرجل الحزين لا يلتفت إليه إلا من قبيل التهكم به وبحزنه معاً، لأنه يريد أن يقطع مادة الضحك من قلوب الحاضرين.

أيها الناس، إن الحياة سخيفة، ودمعة واحدة تطفر من عين إنسان يجب أن تقدر بالعالم كله، فدعوا البكاء جانباً لأن الدموع غالية، وما أرخص ثمن الضحكات، كل عشر ضحكات بقرش، أيها الناس، فاضحكوا ملء أفواهكم.

نعم. لنضحك، ولنجتهد في أن نضحك كثيراً من بعضنا، وأنا موافيكم بعد اليوم بصوركم المضحكة، وبادئ صورتي الهزلية قبل كل صورة فإلى الملتقى.

ع. ح