للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إن أهل ذلك المجتمع الخيالي عمى البصائر عن جلال هذا الشعر الذي لا يزال المادة المقدسة في الأرض، والعناصر الإلهي في العالم، وهذا المجتمع ليس لديه فرجيل وصحابة، وإنما لديه كل مخترعات العالم ومبتكراته، ولكن من يدري لعل بيتاً واحداً جميلاً من الشعر قد أحسن إلى العالم أكثر من كل علم المعادن ومستخرجاته.

يا له من تقدم. . . ويا لها من سعادة. هذا المجتمع المؤلف من المهندسين والمخترعين لا يحمل شيئاً من العواطف، ولا الشعر، ولا الحب، وا أسفاه. . . وكيف يعرفون الحب، إذا كانوا في ظلال السعادة يعيشون. إن الحب لا يزهر ولا ينمو إلا في كنف الألم والحزن. ثم ما هي أقسام العشاق والمحبين ونجواهم لحبائبهم إلا أن يقال عنها صرخات حزن، وصيحات عذاب فلقد صرخ شاعر يوماً وهو في ثورة من ثورات الحب وهو إلى جانب حبيبته لو كان في مكاني هذا إله من الآلهة لأصبح شقياً حزيناً معذباً. إن الآلهة يا فاتنتي لا تتألم، ولا تستطيع أن تموت لأجلك. .!.

إذن فمغفرة للحزن، ورضي بالألم، وصفحاً عن العذاب ولنؤمن بأنه من المستحيل أن تكون هناك سعادة هي أكبر من التي نملكها في هذه الحياة الإنسانية، الحلوة المريرة، الحسناء الدميمة، الخيالية الحقيقية، هذه الحياة التي تحوي كل شيء، وتضم كل الفروق والمتناقضات - هذه هي حديقتنا، ففيها يجب أن نعيش، وفيهل يجب أن نزرع ونحرث!