للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجنوحي الشخصي إلى خدمتها وكنت أخاطبها بالإسم الذي وجد مطرزاً على أثوابها، فلم تكد لفظة مرسى مريك تخرج من شفتي حتى بدأ في عينيها بريق مرعب مخيف، وصاحت في غضب وخنق لا تدعني بهذا الإسم الكريه. إنه ليس اسمي. جميع الناس هنا يعذبونني بمناداتي مرسى مريك، وعندما أغضب منهم لذلك يجيئون لي بملابسي، وهو يصرون مهما قلت لهم ومهما حدثتهم أن الملابس ملابسي فلا تكن مثلهم إذا أردت أن تظفر مني بالود والألفة، فتذكرت إذ ذاك تحذير الطبيب فاعتذرت إليها المعاذير الواجبة، فلم يلبث أن هدأ ثائرها وسكن غضبها، وعمدت إلى تغيير الحديث فسألتها عما هي صانعة بعد ذلك وأكدت لها أنني في خدمتها وأنني كفيل بتحقيق مطالبها، وإذ ذاك جعلت تسألني بلهجة تهام وريبة ولماذا تريد أن تعلم مني ذلك؟ فذكرتها لوظيفتي وأنني بموجبها أستطيع مساعدتها فلم تلبث أن قالت بلهف وفرح أجل. إنك تستطيع أن تكون لي أكبر العون. إذن لتبحث عن مرسى مريك!! ورأيت إ ذاك البريق المرعب يعود يسطع في عينيها الذابلتين ولوناً باهتاً من الإحمرار يتصاعد إلى وجنتيها الصفراوين فسألتها وأنا لا أظهر شيئاً من الإستغراب أو الإندهاش عن من تكون مرسى مريك هذه، فكان جوابها السريع امرأة سوء بغي باعترافها، قلت وكيف أستطيع إيجادها؟ فأجابت ابحث عن امرأة في ثوب أسود وفوق كتفها إشارة الصليب الأحمر وهي ممرضة في الإسعاف الفرنسوي. فقلت وماذا فعلت؟ أجابت إنني قد فقدت أوراقي، وفقدت جميع ثيابي ومرسى مريك هي التي أخذتها جميعاً، فسألتها وكيف عرفت أن مرسى مريك هي التي أخذتها، قالت لا أحد غيرها أخذها، هذا ما أعلم. فهل تصدقني أم لا؟ وكانت توشك إذ ذاك أن تعود إلى الإهتياج فأكدت لها أنني سأرسل في التو والساعة العيون والأرصاد للبحث عنها، فدارت عيني بعينيها وأسندت رأسها فوق الوسادة فرحةً راضيةً قانعة وهي تقول، لك الله من رجل طيب. عد إذن إلي وأنبئني أنك قد قبضت عليها.

ذلك كان أول لقائي بها في مستشفى مانهايم. ولست بحاجة إلى أن أقول لك أنني شككت في وجود هذه الممرضة الموهومة، ومع ذلك كان في إمكاني أن أقوم ببعض التحريات والأبحاث عنها، وذلك بسؤال الجراح أجنتياس ويتزل وكان مقره معروفاً ولا ريب عند أصدقائه في المدينة، فكتبت إليه فجاءني منه الجواب في حينه، وخلاصته أنه عندما دخل