للوصول إلى النتيجة المطلوبة، وتأسيس رابطة بينهما وثيقة.
فلما رأى طبيبها أن هذه الرابطة قد بدأت تستحكم بينهما قال وهو يقترح عليها بكل لطف نبئيني بجميع أحلامك.
على أن المرأة لم تكن تؤمن كثيراً بالأحلام، بل كانت كذلك تظن أنها لا تحلم إلا قليلاً، بل لا تحلم مطلقاً ولكن لم تكد تمضي بضعة أسابيع حتى بدأت تكتشف صوراً من الأحلام تمر بخاطرها فجعلت إذ تفيق من نومها تدونها في كتاب ليقرأها الطبيب وكانت ترى هذه الأحلام تافهة فارغة طائشة حتى أنها لم تكن تود أن تتذكرها ولكن كانت تخشى أن تسيء إلى طبيبها، وما كان أشد دهشتها إذ تراه يرضى بهذه الأحلام، ويفهم منها أشياء لا تفهمها، ثم لم يلبث أن انطلق يذكر لها أشياء عن حياتها كانت تعلم أن ليس هناك إنسان يعرفها، وحوادث دفينة في أعماق نفسها حتى لقد نسيت أنها وقعت لها يوماً ولم يلبث الطبيب أن راح يلتمس أثر الضربة التي أفلجت ذراعها في ماضي حياتها، وعاد يذكرها بخيانة زوجها لها، وإغضائها عن هذه الخيانة، وتجاهلها مع أنها كانت بينة ظاهرة أمام الجميع وعاد بها إلى مصدر تلك الاضطرابات العصبية التي كانت تثيرها الحالة النفسية.
وهكذا كان ذلك هو تشخيص مرضها، وكان أيضاً العلاج، لأن التحليل في هذه النظرية الجديدة هو التشخيص والدواء معاً، وهذه هي فضيلة هذا التشخيص، فلم يكد ذهن هذه المريضة ينفتح على ذكرى حادثة وقعت لها وهي في الخامسة من عمرها حتى ذهب عنها المرض كما جاء.
ولم يتأت هذا التحليل النفساني العميق في لحظة أو جلسة واحدة، بل كان علاجاً استغرق زمناً طويلاً ولم يكن إلا على شكل أحاديث ومحاضرات يلتقط منها الطبيب قطعاً من أحلامها فيربطها بعضها ببعض، وكذلك جعل يتوغل أسبوعاً فأسبوعاً وشهراً فشهراً في صميم حياتها المنسية البعيدة، حتى تبين له أولاً أحداث حياتها المحزنة، ثم بدت لها هي كذلك بعده، بواسطة الطبيب، إذ بدأ يريها بصيصاً ضعيفاً من معنى أحلامها، ثم لم تلبث بعد حين أن تربط هي هذه المعاني بعضها ببعض وأخيراً جعلت هي تقوم بتحليل نفسها، وهذا مبدأ هذا العلاج الجديد، إذ ينبغي أن يشترك الطبيب والمريض في التحليل النفساني، فما كان ذلك، لم يلبث أن زال عن ذاكرتها النقطة السوداء التي كانت غائبة عنها، فكأنما