للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مؤلمة للمصطفى صلى الله عليه وسلم مغضبة لعمر رضي الله عنه، مغضبة لكل مسلم يغار على دينه، فأقل ما يؤخذ من هذا الشعر أن السيد الرسول وسيدنا أبا بكر كانا يسمعان الغناء ويشهدان الرقص من امرأة محرمة وأن الشيطان كان بحضرتهما يرى ويسمع لا يفر منهما ولا يهابهما وأن عمر وحده هو ذو الغيرة على الدين وهو الذي يفر منه الشيطان.

ونحن نعجب أشد العجب كيف يمر هذا الكلام على مسامع شيخ الجامع الأزهر وغيره من العلماء الذين حضروا الحفلة الجماميزية ولا ينكرونه ولا يردون على الشاعر بل يدعون هذا السخف ينسرب إلى الشباب والفسقة وينشر عليهم في الصحف فيحتجون به لفسقهم ودعارتهم إذا شهدوا الرقص أو سمعوا الغناء والألحان، ألا يعلم شاعرنا القائل (واندفعت تشجي بألحانها ما شاء مشجيها) - على ما في الخطأ اللغوي في استعمال هذا التعبير لأن الشجو هو الحزن والأسى ولا الطرب) - أن الألحان محرمة قطعاً حتى في الأذان وحتى في قراءة القرآن فكيف يسمعها النبي صلى الله عليه وسلم من امرأة تتفنن فيها ألا أن الشاعر الاجتماعي من أجهل الناس بعادات العرب وقد مسخ القصة مسخاً وقلب عادة عربية بحتة إلى حالة عصرية مخنثة وزادها تخنيثاً فجاء بالمرأة ودفها كأنها من نساء قهوة ألف ليلة. . . . والقصة على ما في كتاب أسد الغابة هي بحروفها: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت أن ردك الله سالماً أن أضرب بين يديك بالدف قال إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا فجعلت تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل علي وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضرب ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها وقعدت عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الشيطان ليخاف منك يا عمر.

وليس يخفى أن من التعبير في لغة الحديث الشريف أن الغضب من الشيطان واللهو من الشيطان ونحو ذلك فإذا سكن الغضب فقد زال تأثير الشيطان وكذلك في الباقي فكأن الشيطان كف تأثيره على المرأة حين رأى عمر وكأنه خاف حين خافت فهذا هو المعنى، أما أن الشيطان كان حاضراً ثم فر كما عبر الشاعر فهذه إن كانت منقبة لعمر فهي والعياذ بالله ونستغفر الله منقصة لصاحب الشريعة. . .

لم تكن المرأة إلا جارية سوداء أي أمة متبذلة للخدمة والمهنة ولم تصنع شيئاً إلا أنها