للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثار الجنون برأس سفن من أثر هذه المجازر التي أحدثتها فوثب من القارب طافراً إلى عنقي يريد أن يدقه، وكان هالبرت بجانبي فضربه فوق رأسه بمؤخرة مسدسه فسقط سفن منحدراً إليّ أليم فوثبت وراءه، ولكنه كان قد هوى إلى الأعماق ولا يزال في إغمائه، وبحثنا عنه كثيراً فلم نعثر بأثر منه.

أما والده المسكين، وقد فقد زوجته وطفلته وابنه - فلم يعتب ولم يلم، كان فؤاده في أشد اليأس، فجلس في مكانه من قارب النجاة يهز رأسه في صمت، ولبثت أرقب القارب وهو يبعد عنا ذاهباً في صميم الأمواج، فشهدت الرجل من خلال المنظار لا يزال يهز رأسه.

إن بعض العزاء الذي أشعر به الآن أستمده من الجلوس ملياً أمام صورة مينا وقد جللتها بالسواد وببضعة أبيات في رثائها، نظمتها في خاطري، ما أعجبني كيف استطعت تصويرها بريشتي في هذه الصورة الحية الرائعة. . .!

هنا انقطع سير اليوميات فجأة.

وقد حدث أحد البحارة الذين كانوا في السفينة النرويجية الملقبة فوكلاند والتي أغرقتها الغواصة بعد ذلك بما رأي من جنون القائد وكيف قذف بنفسه إلى اليم ولا تزال تجري على شفتيه هذه اللفظة الرائعة مينا! مينا!.