للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من الغابات المرنة التي انفصلت عن الجنة لكان للخيال في نواحينا شأن آخر.

فلا يكونن هذا التباين مدعاة لتحقير الشاعر في الشرق، فهو إنما ينطق بما توحيه إليه طبيعة أرض وسمائه، وإذا كان ثمة تقصير فمرجعه إلى الوحي لا إلى الشاعر.

وما عسى أن يقول المسكين في ربيع لو لم تشعره به التقاويم السنوية لحسب أنه لم يطلع عليه بعد؟؟ فإن للربيع آثاراً واضحة لا تكاد تري العين بعضها في هذه البلاد إلى بمنظار يقيها (رياح السموم) التي تبث فيها (الصحراء الكبرى) تحياتها السنوية المعهودة إلى مصر والمصريين. .

فحسب الشاعر المصري في مثل هذا الفصل أن يشغل شعره بأكبار الطبيب الذي أبرأه من الحمى والرمد، لا أن يشغله بأكبار شيء لم تعرف له نفسه إلا النقمة الخالدة واللعنة المؤبدة. . . وهل الشعر إلا ما تعرفه النفس؟؟

يقولون إن ربيع هذا العام قد أظلنا، فهل هذا صحيح؟؟ إني لا أكاد أومن بما يقولون وإلا فأين ما قرأناه عن جوّه السجسج ونسيمه العليل؟؟

لا عهد لنا بشيء من ذلك، وكل ما في الأمر أنا انتقلنا حقاً من برودة حادة جمدت الدم في عروقنا إلى حرارة قاسية غلته فجأة فانبعث من مسام أجسامنا عرقاً حاراً صبيباً. . .

وليس ذلك إلا كناية عن خروجنا من الشتاء ودخولنا في الصيف، فأين الربيع؟

هذا هو السؤال الذي اختلج في نفسي عندما قرأت في (تقويم الأوقاف) خير حلول الربيع فنظمته في هذين البيتين.

يقولون بين الشتا والمصي ... ف ربيع أنيق اللباس خليع

وهذا الشتاء تولي حميداً ... وجاء الصيف فأين الربيع؟

وهما كل ما قلته في الربيع. . .