للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحكومة المؤتمريةعام ١٨٨٥ ثم عين أستاذاً للتشريع في إحدى الجامعات حتى كان عام ١٩٠٢ وإذ ذاك أسندت إليه رئاسة تلك الجامعة، ونهض به الحزب الديمقراطي فتقلد وظيفة محافظ نيويورك في اليوم الثاني من شهر نوفمبر سنة ١٩١٠ ولم يمض عامان حتى سما إلى رئاسة جمهورية الولايات المتحدة، وأعيد انتخابه عام ١٩١٦.

ولعل أكبر المهام التي يعانيها رجل واحد أن يعهد إليه الحرص على مستقبل مائة مليون، وأن يجد أمامه قرنين عنيدين، وعدوين لدودين وهما روزفلت وتافت الرئيسان السابقان وكان من ذلك أنه في عام ١٩١٤ فقد شيئاً كثيراً من أصوات أنصاره، ثم ألفى نحو عشرة ملايين من أهل جمهوريته يمتون إلى الألمان بالود أو القرابة ولكن روزفلت جعل يقول إن لأمريكا معدة قوية وستهضم بسرعة الأغذية الغريبة عنها ولم تلبث الولايات المتحدة أن انقسمت أقساماً واختلفت في الحرب شيعا، ولكن الرئيس ويلسون أبى إلا أن يحاول إلى النهاية الحرص على الحيدة الدائمة، فوقف في نادي الصحافة يخطب قائلاً: إن هذا الشجار قد ساق المتشاجرين المسهمين به إلى حدود نسوا فيها واجب المسؤولية، وقد جعل قوم يقولون لي إذا كان نصف الدنيا قد جن جنونه، فلماذا نأبى أن نندفع وراءهم، ولماذا لا ندخل في صميم الزوبعة ثم نعود إلى الإصلاح والبناء إذ تمر العاصفة، ويسكن الريح!.

ولكن ألمانيا أرادت إلا أن تكون هذه الحيدة مستحيلة الإنفاذ، بذلك الحصر البحري الذي قامت به في أول الحرب، إذ أغرقت الباخرة لوزيتانيا، وكانت تقل بين مسافريها ١٢٤ أمريكياً.

وإذ بلغ هذا الحادث أسماع الأمريكان ضجت الولايات المتحدة، وقامت المظاهرات والجلبة والصياح، فلم يكن من الرئيس ويلسون إلا أن أخرج شعبه من هذه الفتنة سالماً، لأنه علم أن ليس الغضب المؤقت هو الذي يستطيع أن يحل عقدة تلك الحرب، ولكن توقع الفائدة الكبرى هي التي يريدها هذا الشعب المختنق بالتجار وأهل الأدب والمزارعين وكان مبدأ ذلك الرجل العظيم الذي حررهم من الأسر، ونعني به جورج واشنطن مقدساً لديهم، معبوداً في قلوبهم، إذ علمهم أن لا يعقدوا محالفة ما بينهم وبين أية دولة غربية.

وظلت عقيدة مونرو عزيزة لديهم، وهي تقضي بالامتناع عن التداخل في شؤون الغرب، وهذه العقيدة نشأت منذ عام ١٨٢٣ يوم كان مونرو رئيساً للجمهورية فأدرك ويلسون كل