بالانتحار يسن قانون بمنع إبقاء الكلاب داخل المدن إلا بعد إخراسها بقطع العصب الحنجري وآخر يحرم على الصحافيين وأرباب المجلات أن ينشروا موضوعات تتعلق بحوادث الانتحار والإكراه والاغتصاب وإلا فهم مسؤولون عن كل ما يرتكبه القراء من الجرائم تقليداً لما دونوه في صحائفهم.
تفسد العلاقة الجنسية (التي بين الذكور والإناث) فساداً يستدعي تغيير النواميس المشروعة والعادات المألوفة ملاءمة للحالة المستجدة، فترى المخنثين - الذين يصبحون يومئذ السواد الأعظم من الناس - يلبسون أزياء نسائية لوناً وتفصيلاً، أما النساء فلا يستطعن إذ ذاك إرضاء الرجال إلا إذا لبسن أزياء رجالية - أحذية طويلة غليظة بمهاميز ونظارات على عيونهن وعصيّ وسياط في أيديهن وسيجار طويل في ثغورهن، وتشرع القوانين القاضية بتزويج الرجل بالرجل وإباحة مواطأة الأخوات والأمهات وغيرهن من المحرمات ومواطأة الحيوانات والموتى، وكذلك يصبح العفاف والتقى من خرافات الماضي ويعدان من قبيل الوحشية والصفات الرجعية المنافية لروح الرقي والتقدم ويعد الشغف بسفك الدماء مرضاً بسيطاً يقدم المصاب به إلى عيادة الطبيب بدلاً من محكمة الجنايات.
ويشتد ضعف العقول بدرجة تستدعي تقصير وقت الدراسة بالمعاهد العلمية فيجعل ساعة واحدة في اليوم، وكذلك لا يسمح للمحاضرات والخطب بل للروايات التمثيلية والمناظر السينماتوغرافية أن تستغرق أكثر من ربع ساعة على الأكثر وعلى ذلك يحذف من بروجرامات المدارس كافة المواد المتعلقة بالتربية الذهنية وتكثر المواد الخاصة بالألعاب الرياضية ولا يمثل على المسارح إلا مناظر الفسق والدعارة وقتل الآباء والأبناء وإلى هذه المسارح يهرع الآلاف من غواة الفن للتبرع لأرباب الأجواق بتمثيل هذه المنكرات حتى يفوزوا بلذة هذه الميتات الحلوة الشهية بين هتاف الجماهير المأنوفة.
وينسلخ معظم الناس من الأديان المعروفة ويتكون عدد عظيم من الشيع الروحانية التي تستخدم العرافين والكهان وضراب الرمل ومحضري الأرواح والمنجمين والسحرة وقراء الأكف بدلاً من القسوس والأساقفة.
وتشتد مبالغة الشعراء والكتاب والمصورين في تعمية أغراضهم وإخفاء مقاصدهم واستعمال الرموز الغامضة والكنايات المبهمة بدلاً من الجمل الواضحة والعبارات