للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شيء من القوة والجلد اقتحموا السبيل مستيئسين إلى النافذة وكثيرون على اليمين وعلى الشمال سقطوا عياء وكلالاً، ولم يلبثوا أن سكنت نأمتهم، وفاضت أنفاسهم الأخيرة، إذ علت الآن من جثث الموتى وجسوم الأحياء ريح خانقة خبيثة شنعاء.

وفي تلك اللحظة لم أكن أشعر بشيء من الإحساس، بل رأيت غشية متقدمة إلي، آخذة بعنقي، فسقطت قريباً من ذلك الرجل الشهم العظيم وهو ضابط من خيار الضباط اضطجع ميتاً خامد الأنفاس بجانب فتى له من الشباب المساعير ويده في يده، والرأس بجانب الرأس، وفي الفترة التي تلت ذلك إلى الساعة التي أنقذنا فيها من شر قاعة الموت، وحجرة الشنائع والأهوال، لا أستطيع أن أدلي إلى الناس بوصف، أو أشرح لهم شيئاً.

هذه هي النبذة التي اخترناها من ذلك الوصف الرهيب.

فلما كانت الساعة السادسة من الغد فتح باب القاعة فإذا بثلاث وعشرين شخصاً فقط من المائة والستة والأربعين، هم الذين تتردد فيهم الحياة، وتتصاعد أنفاسهم مرجّعة خافتة، فأنقذ هؤلاء بجميع الوسائل وتعافوا بعد لأي وجهد.