أما الرجل الذي يسلق امرأته في المجالس بألسنة حداد ويشتد في نقدها ويتعسف في تأنيبها وإظهار مساوئها فأحق بالسخرية، وأجدر بالاحتقار، لأنه امرؤ ضئيل، ورجل صغير غير حازم، ولا عاقل، ومن هذا الفريق معشر كثر لا نستطيع أن نقول عنهم أنهم يميلون إلى نقد بعولاتهم وإظهار مساوئهن، وأنهم يتحدثون فيما بينهم عن أمور تتعلق بهن، ولا يصح إظهارها أو التحدث بها، ولهذا يقعون تحت هذا الضرب من الأزواج، فمنهم من يقول مثلاً لصاحبه وهو يحاوره، إن زوجتي يا صاح لا تدعني أستطيع مغازلة السيدة التي تسكن الطابق المقابل لنوافذنا، ولا أجد من غيرتها سبيلاً إلى - البصبصة - فهي (غيرى - موت) ولا أستطيع أن افلت من مراقبتها، يا لله من هذا الزواج، لعنة الله عليه، إنه احتكار فظيع، واستعباد مرذول، بل إذا رأتني يوماً وأنا في سبيل التحبب إلى الفتاة التي أمامنا من الشرفة أرعدت وأزبدت ولبثت في السرير تؤنبني وأمست إلى منتصف الليل يقظى لا تغمض لها جفن، تبكي وتعول، لأنها غيرى تكاد هذه الحاسة تأكل قلبها أكلاً، نبئني أيها الولي كيف السبيل إلى تهريب الغزل من هذا الجمرك الرقيب العتيد، وكيف الوصول إلى تجمش الحسان؟ مغازلتهن.
وهذه الذنوب التي يقع فيها الرجال ينبغي أن تزول وتبطل من عالم المتزوجين، ويجب أن يعلم المتزوجون أن الرجل ينبغي أن يرضى ببعله على كل حال، ويتذكر أنها امرأة وأنه رجل، وعليه أن يحميها ويظلها برعايته ويرفعها فوق تمثال وينصبها فوق دمية أمام الناس وبين الجماعات، وإن علم في قرارة نفسه أن هذا المعبود الذي رفعه وأقام له التمثال لا يزال ينهض على ساقين من الفخار.
ولعل قلة الزواج الآن وكساد سوقه ونفار الشباب منه. من المسائل الاجتماعية الخطيرة التي تهدد الحياة. وتنذر الجيل الحاضر بالسوء والويل، وإذا لم تبتكر الوسائل الصالحة لدرء هذا الخطر وإزالة هذا الضرر فإنه يخشى أن تزداد الحال سوءاً ويتفاقم الخطب إذ يوجد اليوم نفور عام بين فتيان اليوم من تحمل أعباء الحياة الزوجية والاضطلاع بأوزار المعيشة العائلية: والسبب الأكبر الذي بعث هذا النفور وأقام هذه الخشية هو أن الزواج قد فقد روح الخيال، وانتزع منه العنصر الروحاني، فإن ابن اليوم، وفتى العصر، يختلط