للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقول ذلك. قسوة كله وخشونة ووحشية. وبذلك ترين أن النتيجة تقع على رأس الإنسان وحده، وهذا ما يجعل الإنسان حزيناً.

قالت شيلا: ذن حالك كحالي. إن النتيجة تقع على رأس الإنسان وحده.

قال لزلي: إن لك وجهاً جميلاً ولكن نبئني ماذا يحزنك إنك تلوحين كأنك كنت الساعة تبكين؟.

فأجابت شيلا لقد كنت اليوم في بكاء ولكن الدموع صغيرة ولو لم تتحدث إلي لعظمت دموعي، واستهلت صبيباً منهمراً.

قال: وما سبب بكائك؟

فأجابت: لا أعرف كل شيء في الطبيعة حزين الحرب. . . الحرب. . والناس يقولون أنها ستنطلق كذلك أجيالاً وأعماراً واستزادا الأحزان أحزاناً وتصبح الحياة أشقى وأنكد وأظلم، وأنا لا أريد أن أكون محزونة شقية، فإن أشنع الشنائع أن تفلت السعادة من بين راحتي الإنسان بل أكبر مناي أن أكون سعيدة كل السعادة وأن أكون فرحة حسناء جذلى راضية العيشة، وأن أضحك وأبتسم للأمور التافهة التي تبعث الضحكات والابتسامات ولكن هل أنت ترى أن الإنسان لا يستطيع ذلك. ولذلك يبكي؟

ولم يكن للفتى ليزلي دهن عميق يبحث الأمور ويستقصيها ويقلب فيها وجوه رأيه فبدت له الحجج التي قالتها الفتاة حججاً عاقلة لا ظلم فيها ولا فساد فقد أدرك أن الحرب أمر خطير رهيب، ونتائجها محزنة أليمة، وزاد هذه الفكرة لديه أنه أحس العزلة ورأى نفسه وحيداً، وألفى الدنيا أمام ناظريه صحراء جدباء، قضى عليه أن يشق طريقه فيها منفرداً معتزلاً، وكان هناك شعاع واحد من الضياء يستطيع أن ينتشله من مخالب العزلة وينقذه من الأسى، وهو أن يجد إنساناً مثله متألماً يركن إليه ويختصه بذات نفسه وينفض له أسرار وجدانه، ولذلك لا تعجب أن يأخذ الفتى وهو في أشد انفعالات النفس وحرارة العاطفة تلك اليد الصغيرة البضة التي كانت منذ هنيهات تقطف الزنبق وناضر الزهر، فيشدها في صمت أبلع من الكلام، ويصافحها في سكون أروع من التفاهم، فلما أتم هذا أحس بشيء من السكينة تجري في نفسه وشعر بالطمأنينة، وسرى عنه بعض الألم الذي اضطرم في صدره، ولكي يقيم أساساً أمتن من هذه المصافحة الصامتة ويشيد فوقه بناء صداقة متينة