ولفت اضطرابه غير واحد من جلساء الفندق فحاول جفري إخفاء انفعالاته وراء صحيفة التيمس وأطلق بصره يجول في أسطرها وأنهارها، وكانت الصفحة التي أمام عينيه تحتوي قائمة بأسماء الذين فقدوا وضلوا من ضباط الجيش ونهض من بين تلك الأسماء اسم فأخذ عينيه فإذا هو يقرأه الليفتننت ل. . . وتووكر من فرقة الهايلندرز قتل في الميدان
فصاح جفي: رباه!
هذا هو الرجل الذي ينتظر هو قدوم زوجته. . . فراح يساءل نفسه هل علمت شيلا بأمر هذا النبأ فإذات لم تكن علمت به وجاءت وهي لا تدري فماذا لعمري هو صانع.
هنا وثبت في فؤاد جفري شهامته وقامت عواطف الفروسية وعوامل الرقة والعطف فوقفت في وجهه، فرأى أن الخطة التي اختطها والنية التي رسمها والحياة التي أعدها يجب أن تلغى وتنسخ وتزول من ذاكرته، فإن سرقته زوجة رجل حي على قيد الحياة، واستلابه من زوج يمشي في مناكب الدنيا امرأته شيء، وسرقته الموتى واستلابهم زوجاتهم شيء آخر، ولئن كان هذا المنطق ضعيفاً غير راجح في بعض نواحيه، إذ كان الموتى قد أصبحوا في نجوة عن شؤون الأرض، بعيدين عن هماهم العاجلة، فلا ريب في أن عواطف المستلب تثور فيه وضميره يأخذ باللائمة، إذا كانت له عاطفة أو أحس بين جوانحه ضميراً.
لذلك أجمع جفري نيته على أن ينزع حبه من فؤاده نزعاً.
ولكنه شعر بغتة بأنه لن تطاوعه قواه ولن يجد له جلداً على أن يخبر شيلا بنباً موت زوجها، وبينا هو على هذه الحال من الحيرة والذهول، وقفت سيارة بالفندق وبانت شيلا على عتبتها حيرى مترددة جازعة.
فنهض جفري ودنا منها وبلا كلمة ولا لفظة مشى بها إلى البهو وصاح بسائق السيارة: انتظر!
ودلف إليها فهمس في أذنها: إذن فقد جئت. .
قالت وهي تتلعثم: أجل. . لقد. . جئت!
قال: إذن فلتعودي أدراجك. . فقد كنا على باطل، وكنا نجري إلى إثم، وكنا قادمين على حماقة وطيش وأنا الملوم وحدي وأنا الذي أستحق التعنيف واسوأتا. . على أين كانت نسيتنا ستسوق بنا. .