للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القلب فقال نهم ولكنه بئس الرسول يبعث إلى القلب فيذهب إلى الرأس ويشبه ذلك قول المجنون لملك من الملوك وقد استظرفه واختار أن يكون نديماً له وعرض عليه الشراب فقال المجنو: أيها الملك أنت تشرب هذا لتصير مثلي وأنا أشربه لأصير مثل من! وأنا لفي ذلك إذا اندفعت فضل المدينة تغني على عودها هذه الأبيات:

بيد الذي شغف الفؤاد بكم ... تفريج ما ألقى من الهم

فاستبقني إن قد كلفت بكم ... ثم افعلي ما شئت عن علم

قد كان صرم في الممات لنا ... فعجلت قبل الموت بالصرم

فاستخف غناؤها أبا عبد الله حتى كاد أن يخرج من جلده فرحاً وتحرك الراهب واهتز كما اهتز تحت البارح الغصن الرطب، وغمغم كلمات ترجمها لنا أبو عبد الله بما يقارب قول الطائي حبيب بن أوس:

ولم أفهم معانيها ولكن ... ورت قلبي أجهل شجاها

فصرت كأنني أعمى معنى ... يحب الغانيات ولا يراه

ثم اندفعت تغني:

آها على بغدادها وعراقها ... وظبائها والسحر في أحداقها

ومجالها عند الفرات بأوجه ... تبدو أهلتها على أطواقها

متبخترات في النعيم كأنما ... خلق الهوى العذارى من أخلاقها

نفسي الفداء لها فأي محاسن ... في الدهر تشرق من سنى إشراقها

فأخذ العلج ينشج نشيجاً حاراً ويبكي بكاءً عالياً حتى إذا سكت عنه البكاء قال ما معناه: لقد هاجت لي داء دفيناً. ثم سكت وسكتت فضل وسكتنا ومضت السفينة لطيتها.

قال معاوية بن أبي سفيان: النساء يغلبن الكرام، ويغلبن اللئام. وقال يزيد ابن المهلب بن أبي صفرة: وددت لو أن كأساً بألف دينار، وأن كل منكح في جهة أسد، فلا يشرب الأجواد، ولا ينكح إلا شجاع. وقال عمر بن عبد العزيز: إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما. وقال المأمون: النساء شر كلهن ومن شر ما فيهن قلة الاستغناء عنهن. وقال: إن النفس لتمل الراحة كما تمل التعب. وقال: إنما تطلب الدنيا لتملك فإذا ملكت فلتوهب. وقال عبد الله بن طاهر: سمن الكيس ونبل الذكر لا يجتمعان. وقال المنتصر بالله: ما ذل