وصفت الصحف منذ زمن كيف جيء بالقائدين المشهورين ألكسيف وكورنيلوف إلى ساحة عمومية في مدينة روستوف على نهر الدون في مبتكر ربيع العام الماضي فأعدما على مرأى من العامة والسابلة، ثم علم القاصي والداني أنهما حيان يرزقان في شهر يوليه.
وكان زعم مقتل القيصر كذلك خطة من الخطط السياسية الألمانية، إذ كانت ألمانيا تطمع في أن تعيد حكومة القيصر إلى عرشها، وتثبت صولجانها في يد قيصرها، فزعموا أنه قتل حتى يثور الكره في قلوب الناس للبولشفية، ويتمنوا لو أن القيصر كان حياً، وتذهب نفوسهم حسرات عليه، حتى إذا حانت الفرصة المناسبة أخرجوه من مكمنه فساقوه إلى عرشه، وقد وقع في التاريخ حوادث من هذا القبيل زعم فيها أن القيصر قتل، ولم يكن قتل ولا صلب، وإنما شبه لهم، فمنذ ثلثمائة عام ادعى كثيرون أنهم قتلوا القيصر بطرس الثالث، مع أن ذلك القيصر الأسبق قد خنق بأمر زوجته التي أصبحت بعده القيصرة كاترين الكبرى، وقد اتفق بعد ذلك أن القيصر ألكسندر الأول الذي زعموا أنه مات فجأة على أثر إعلان حرب القرم، ظهر بعد ذلك أنه كان على قيد الحياة سنين عدة ناسكاً في سيبريا الشاسعة.
وقد حدثني أحد الصدقاء الذين نجوا من مخالب الموت على أيدي زعماء البولشفية في الوقت الذي زعم أن القيصر قتل فيه بأنه لا يستطيع لمقتل القيصر تصديقاً، وراح يقول: أنهم قبضوا علي وحكموا بالإعدام خمس مرات في بضعة اسابيع، وقد عرفت كيف كان من السهل جداً علي أن أنجو من أيديهم، وفي الروسيا خلق كثيرون هم أشبه بالقيصر من الليلة بالبارحة، ولعل الجند الذين كانوا على حراسته أخطأوا ووهموا فيه فظنوا الرجل القيصر، وهو ليس هو، ولعلكم تتذكرون أن الجند الروس في أوائل هذه الحرب كثيراً ما جاؤوا بأسير من الأعداء زاعمين أنه غليوم أو هندنبرج، ولا يكاد يفلت السجين في الروسيا من أيدي السجانين والشرط والحراس حتى يستطيع أن يصيب جوازات سفر مصطنعة بكل سهولة، فمنذ قامت حكومة البولشفية أصبحت إدارات الحكومة تتاجر تجارة عظيمة في كل قرية ومدينة ببيع الأوراق الرسمية أو جوازات السفر بثمن بخس - دراهم معدودات.
وقد رأيت القيصر نيقولا الثاني منذ كان صبياً صغيراً، ثم شهدته فتى يافعاً يمشي إلى