للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأهله، وأما النسوة الغنيات فكن يركبن القطار أو يسافرن في المركبات وينزلن بأفخم الحجرات من الأديرة، فالتقت يوماً سيدة من الأنجم الزهر في الروسيا براسبوتين في ذلك الدير الذي كان خادماً به، فأعجبت به وراق في عينها فاصطحبته في رجعتها إلى موسكو ولم تكد تحتويه تلك المدينة حتى اصبح يختلف إلى أبهى أبهاء القوم ويزور أفخم أسمارهم، وظل يدنو رويداً رويداً من التعرف بأهل البلاط والتردد على أفواههم.

ولست بحاجة إلى إعادة القصة التي تحكي عنه وكيف أثر في ذهن الإمبراطورة حتى اعتقدت أنه قادر أن يشفي ابنها الصغير من مرضه ويرد غليها حياته، وينقذ أنفاسه وكانت تتردد على شفتيه وكيبف أصبح راسبوتين فمن الخطورة في البلاط جعل له النفوذ الأكبر في حكومة القيصر، وأثار السخط على تلك الحكومة في نفوس الشعب، وجر عليها الويل والحرب، وكيف كان في الجيش إذ طن أنه من صنائع الألمان فعمل على قتله والتخلص من شره، بل اقتصر على ما لم يذكر في الصحف من التفاصيل الحقيقية عن مقتله.

في أواخر سنة ١٩١٦ أجمع طائفة من الضباط في بطرغراد على قتل راسبوتين. فجعلوا يقربونه ويتحببون إليه، حتى تمكنوا من دعوته إلى قصر البرنس فيلكس يوزيوف، أحد اقار بالقيصر وأنسبائه من ناحية الزواج، وجاءوا بفتاة من الراقصات تدعى المدموزايل ج. . . لتكون الفخ والطعم للصيد والاحتيال وكان من بين الأضياف الغراندوق ديمتري ابن عم القيصر ونائب مشهور في عالم النواب يدعى بيورشكفتس، فلما اكتمل العقد، وابتدأت المأدبة. راح راسبوتين كعادته يلح على الشراب، ويفرط في احتساء الكؤوس، واشتفاف الأقداح، فلما نتشى وسكر حتى أصبح لا يعي من فرط السكر قدم إليه كأس مسمومة فاجترعها، وانصرفت إذ ذاك الراقصة التي جيء بها لأنها كانت قد أتمت مأموريتها، فلما شربها جعل القوم ينظرون إليه محملقين، منتظرين أنه سيخر ميتاً، فلم يبد عليه شيء من ذلك، ولعل ذلك لأن السم لم يكن فعالاً زعافاً، أو لأنه شرب قبله مقادير كبيرة من الشراب، ولكنه لم يلبث أن اضطرب قدماه، ونهض مترنحاً يريد الباب، فلبث البرنس فليكس وشركاؤه لحظات ينظرون إليه، ثم نهض الأمير بعد ذلك فتبعه وهو معتقد أنه سيراه بعد الباب بخطوات منبسطاً على أرض الحجرة قتيلاً، ولكن لشد ما كانت دهشته إذ رآه واقفاً في الحجرة المداورة تحت أيقونة تمثل صورة المسيح، وهو يكلم أحد خدم القصر، وهو