للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأشباح وتتبدى له الأرواح إذ جعل يناجي رجالاً كثيرين من عظماء الدنيا الذين ماتوا قبله من قديسين وفلاسفة وملوك وباباوات فخاطب أرواح لوثر وكلفن وشيشرون وموسى وبولص ويوحنا وكثيرين غيرهم، وتلقى كذلك ما يسمونه اليوم بالكتابة المكتوبة بذاتها، إذ جعلت يده تندفع في الكتابة بلا إرادة منه، ولاوعي من لبه، فذهب في ذلك إلى أن الأرواح هي التي كانت تدفع يده إلى الكتابة فتكتب، على أن سودنبرج لم يشجع الناس على أن يخاطبوا الأرواح، ولم يبعث غيره على التكلم معهم، لأنه كان يعتقد أنه هو المختار من الأرواح وحده ولكن كثيرين ولا ريب يأخذون عنه ذلك ويحدثون هذه الجلسات نفسها مع الرواح.

فهذه العوامل واجتماعها بروح تلك العصور المضطربة الثائرة القلقة، كالثورة الفرنسية ونشوء الروح الاشتراكية، ساعدت على تقدم هذه الحركة وشيوع الإسبراتيواليزم، حتى هبط إنجلترا في عام ١٨٥٥ رجل غريب يعد من أكبر الوسائط التي يلتمسها الناس سبيلاً على مخاطبة الرواح، وهو يدعى هوم، وقد جاء إليها بعد أن طاف كثيراً من بلاد الغرب فاستحضر أرواحاً في حضرة إمبراطور فرنسا لويز وزوجته، وزار قيصر الروس فأجرى جلساته بين يديه، وكان الرجل لا يتقبل مطلقاً أجراً على عمله نقداً أو مالاً، وإن كان ولا ريب يرفض الهدايا، وهي أعز ثمناً وأغلى قدراً. ولم يقبض عليه يوماً وهو يحاول غشاً في محاضراته، ولم يدرك الناس عليه مطلقاً خدعة أو بلفاً على أنه كان الشاعر بروننج الطائر الصيت في ذلك العصر وضع قصيدة عنوانها ليخسأ وسيط الأرواح وكان يقصد بها إلى التهكم على (هوم) فإنما كان الشاعر فيها يتبع هواه وأخذ بالظنة في أمر الرجل، ولم يحكم البرهان ولم يقم الدليل، كما شهد على نفسه بعد ذلك واعترف، ولعل النقطة المشكوك فيها من تاريخ هوم هي ما يختص بقصة المرأة التي تدعى مسز ليون. وكانت أرملة مثرية أهدت إليه أربعةوعشين ألف جنيه وتبنته ثم ندمت على ما فرط منها من هدية ووقفية فزعمت أن الرجل احتال عليها واثر في ذهنها وخدعها وادعى أن الرواح هي التي أوحت إليها أن تمنحه تلك المنحة وتخصه منها بهذا الفضل. وانتهت الخصومة إلى المحكمة فحكم لها برد المبلغ إليها ولكن القاضي أبان بفصيح القول أن لا دليل أو بينة يعتمد عليها من ناحية السيدة، وأنه لم تثبت الإدانة مطلقاً على أن هوم اعتدى عليها في مالها واستلبه