للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نهر الطونة من سهو المجر إلى سهولة مملكة رومانيا ثم أخيراً من الشمال القمم الأخيرة لجبال الألب ونهر الدراف، ذلكم النهر القوي الفضفاض الذي ينصب في نهر الطونة.

هذه هي حدود اليوجسلافيا على وجه التقريب، ونحن إنما نقول على التقريب لأن هذه الأمم والأجناس في أغلب المواقع تتعدى هذه الحدود، كما هي الحال في سفح جبل ترانسلفانيا، إذ يتنازعون ثمت الحق في تمسفار مع أهل رومانيا على حين ترى سواحل الأدرياتيك آهلة بخلق كثير منهم يعيشون تحت نير الطليان، وأنت تعلم أن سكان شبه جزيرة البلقان ما يفتأون على كر الأدهار ممتزحين بعض ببعض متداخلين، حتى لتجد في أغلب الأحايين الولايات متنازعة بين دولتين، بحق الرابطة اللغوية من ناحية، وبحق الرابطة الجنسية من الأخرى، وأحياناً تجد أمماً متعددة تطالب بالأحقية في ولايات آهلة بسكان مختلفي الأجناس والنحل واللغات، وكل يطالب بها، ويؤيد حقه بتقديم إحصاءات يراد به أن يبين أن الأغلبية من أهلها تنتسب له، ومن هذا ندرك أن من الصعب تحديد الحدود التي يقطن فيها جنس من الأجناس البلقانية.

ولم يظفر بالاستقلال من بين سلاف الجنوب قبل نشوب الحرب إلا الشعب الصربي وشعب الجبل الأسود، وظلت الأجناس الباقية تحت نير النمسا والمجر، فلما انحلت الإمبراطورية النمسوية، وتخلصت هذه الشعوب من ذلكم النير، أرادت تلكم الشعوب أن تؤلف منها جميعاً أمة يطلق عليها أمة اليوجسلاف وهذه الأمة ستتصل بأمة التشيل والسلوفاك من ناحية جنوب الطونة، وستتألف وحدتها من جزء من النمسا والمجر ومن ولايات استيريا وكازنتيا وكارمنيول وكرواتيا وسلوفونيا ودلماسيا والبوسنة والهرسك والجبل الأسود.

ولكي يتجلى لك مستقبل الخريطة الأوروبية السياسية من جراء هذا التنقيح الذي يراد أن يتم اليوم ينبغي أن نذلل لك سبيل المقارنة، فنقول أن صربيا في عام ١٨٩٠٤ كانت مساحتها ضعف مساحة سويسرا، وكان سكانها يبلغون أربعة ملايين ونصفاً، ولكن اليوجسلافيا ستحتوي نيفاً واثني عشر مليوناً أي نحواً من نصف سكان فرنسا.

وهذا الجنس السلافي يشتمل على ثلاث قبائل، ففي جبال الألب - أي من ناحية الشمال تجد قبائل (السلوفين) وفي السهول - بين نهري الدراف والساف وكذلك في دلماسيا، ترى