للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد استطاعت أن تقنع عدة أبطال من علماء هذا المبدأ والعلماء الآخرين، أمثال العالم الطلياني لومبروزو وثقم مروسيلي وريشت، وكذلك السير أوليفر لودج بصحة جلساتها، ومخاطبتها الأرواح، ويوجد في ميلان اليوم مجلة شهرية للإسبراتيواليزم تسمى (ليس أومبر).

أما عن البلدان الأخرى، فنقول أنه توجد جمعية للإسبراتيوليزم في بلاد الأرجنتين في أمريكا الجنوبية، وأخرى في إسبانيا ومركزها لشبونة ثم لا تزال هناك جمعيات منتشرة في هولاندة، والدانمارك وروسيا ولكن هذه الحركة لم تذع ولم تشتهر إلا في البلاد الإنكليزية وفي أرض فرنسا ولا سيما المستعمرات البريطانية وبالأخص في مدينة ملبورن في أوستراليا إذ تصدر هناك مسز أني برايت المجلة المسماة (رسول النور).

وخلاصة هذه الحركة أن الإسبراتيواليزم في شكله الحاضر يعلم الناس أولاً أن المخلوقات الإنسانية تعيش بعد الموت وأن الحياة التي بعد العاجلة تشبه هذه في المشاغل والمصالح، وأن مآلنا تلك يتوقف على عملنا في هذه، وهذا رأي من الوجهة الفلسفية راجح، ومن الوجهة الأخلاقية باعث على الأمل والرجاء والعزاء فإننا إذا كنا لنا أن نفكر أو نتخيل الحياة الأخرى فلا بد من أن نتخيلها على شكل الحياة الوحيدة التي عشناها أي الحياة العاجلة.

وقد يكون ذلك خطأ وخيالاً فاسداً ولكن ذلكم كل ما في مكنتنا، ولا يسعنا أكثر من ذلك، وأما من الناحية الأدبية، فليس أصلح للنفوس وأبعث للآمال، وادعى للعزاء من الاعتقاد بأننا على قد رما نزرع نحصد، ونفعل نجزى، والإسبراتيواليزم كذلك يراد منه كما يراد من اليتوبيا الاعتقاد بأن الموتى مرفرفون حولنا، حافون بنا، وإن كانت عيوننا الحسيرة الآدمية لا تستطيع أن تشق الحجب فترآها عياناً، لأنه (كما يقول كتاب النزعة الإسبراتيولية) يعد من القسوة ولا ريب، لو أنهم طرحوا جانباً الرغبة في زيارة أصدقائهم ورؤية أصحابهم وشهود ذوي قرابتهم، الذين كان يربطهم بهم في هذه الحياة الحب المتبادل، والصداقة المشتركة، والألفة العظيمة، بل كان خليقاً بهذه الصداقة وتلك اللفة أن تزداد في الأخيار وتشتد، لا أن تضعف وتهن، ومن هنا تدرك أن علماء الإسبراتيوالزم يعتقدون أن الموتى حاضرون حياتنا كشهود ومتفرجين لأعمالنا وفعالنا.