للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باليومية.

يقابل هذا أن النساء فيها مستمتعات بنصي بوافر من الرفاهية والاحترام العام لا يعملن إلا الأعمال السهلة الخفيفة. وإذا تزوج رجل بامرأة وجب على كل منهما أن يحمل بائنة وفي الغالب تكون البائنتان متساويتان وإذا افترقا بعد عشرة طويلة تقسم ثروتهما بينهما مناصفة فتأخذ الزوجة النصف.

وإذا انتقلنا إلى الأمم الراقية القديمة منهاوالحديثة نجد أن قدماء المصريين كانوا على درجة عظيمة من المدنية، ويجلون الصناعة ويتقنون أنواعاً كثيرة منها ويقدسون الفنون الجميلة ويعنون بها عناية كبيرة كما تدل عليهم آثارهم المجيدة. وكانوا على جانب عظيم من العلم وحسن الملاحظة وبعد النظر ورفاهية العيش. ولم يصلوا إلى هذه الغاية إلا بعد تدرج طويل وتطور استغرق قروناً عديدة في أثنائها ثبتت الروح الاقتصادية واستقرت في أعماق قلوب المصريين حتى أن الروح العسكرية التي ظهرت بينهم فيما بعد وقدستها ديانتهم لم تقو عليها، وظلت الروح الاقتصادية سائدة على مشاعر المصريين وأفكارهم. وكانت المرأة إزاء هذه المدنية الزاهرة محترمة الحقوق، وكان تعدد الزوجات على الرغم من إباحته نادراً ومستهجناً والطلاق ممقوتاً من الذوق العام والحصول عليه من أصعب الأمور. وكانت الروابط العائلية واضحة نيرة وخاضعة إلى أحكام دقيقة، وكان أساس الحياة الزوجية التآزر والتضامن والمساواة بين الزوجين. وكانت النساء تغشى المنتديات وتشارك الرجال في الحفلات العمومية كما تفعل الأوروبيات الآن.

وظلت المرأة المصرية حافظة مركزها مع ما أصاب مصر من الرزايا والكوارث الوطنية التي أفقدتها استقلالها وأوقعتها تحت نير الأجنبي. ولم تقدر قوانين الأمم التي تداولت الحكم على مصر أن تضعف مركز المصرية أو تهضم حقها. وظل مواطنونا الأقباط متمسكين بتراث أجدادنا فقد نقل المقريزي عن أخلاق وعادات الأقباط في عهده أنه لو باع أحدهم شياً يذكر في العقد أنه باع بعد الاستئذان من زوجته. ولا تزال العادات القبطية إلى عصرنا هذا تحرم الطلاق وتعدد الزوجات بتة ولذا تجد الحركة النسائية بينهم سائرة إلى الأمام بخطوات واسعة، وعن قريب ستتوج المحافل المصرية بنسائها الأقباط. ولكن المصريين لمسلمين عدولا عن كثير من عادات أجدادهم وذلك لامتزاجهم بالأمم الحربية التي فتحت