للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبالرغم مما كان يكتنفه من هذه المزاعم المبهمة وما كان يلفه ويغشاه من ظلمة الخفاء والغموض فلقد كان رجلاً جذاب الحديث فتان المعاشرة محبوباً لدى أعلى الطبقات والدوائر. ولا تزال جدتي حتى الساعة تحمد عهده وتثني أحسن السناء على سالف عشرته وصحبته - وتثور على من يذكره بسوء وينتقص من قدره. وكانت جدتي تعلم أن سان جرمات لديه وفر عظيم ومال كثير - فعزمت على الالتجاء إليه وكتبت إليه تسأله الحضور إليها على عجل. فلم تك إلا هنيهة حتى مثل الشيخ المسن بين يديها فالفاها بأسوأ حال من الحزن والأسى.

فحدثته عن قسوة زوجها ووحشيته بأفظع عبارة وأشنعها وختمت كلامها بأنها قد توجهت إليك بكل آمالها وطرحت عليه ثقل حاجتها وأعباء همها شافعة غليه بما بينهما من صداقة ومودة.

فأطرق سان جرمان مالياً.

ثم رفع راسه فقال: إني لنادر أن أمدك بالمال الذي تطلبينه ولكني أعلم أنك لن تستريحي بعد ذلك أو ترديه إلي وما كنت لأوقعك في هم جديد. بيد إني أعرف وسيلة أخرى لإخراجك من هذه الورطة وهذه هي تمكيني إياك من استرداد خسارتك بواسطة اللعب!

قالت جدتي: ولكني لا أملك يا عزيزي الكونت من المال فتيلاً ولا قطميراً فكسيف أعاود اللعب؟.

فأجاب سنا جرمان: لا لزوم للمال. تفضلي علي بالإصغاء ببرهة.

ثم أفضى إليها بسر غريب يود كل منا لو يشتريه بجميع ما لديه من ثروة.

فبدت علامات الدهشة على وجوه الشبان الضباط الأربعة وأنعموا الإصغاء إلى الرجل بكل جوارحهم.

وهنا أشعل تومسكي متبغته وأخذ يرسل أنفاسها هنيهة ثم استأنف الحديث، قال: في عين هذا المساء ذهبت جدتي إلى فرساي للمقامرة. وافتتح الدوق دورليان اللعب فاعتذرت جدتي عن عدم دفع المبلغ ألطف اعتذار ثم شرعت تلعب ضده. فاختارت ثلاث أوراق فلعبتها واحدة أثر الأخرى فربحت الأوراق الثلاثة للتو واللحظة وبذلك استردت جدتي كل ما خسرته في الليلة السالفة.