للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

موحشاً لا يسمع الإنسان فيه إلا ترانيم الأمواج فجست على صخرة وكانت على جانب مني تزخر أمواج البحر المؤتلفة وعلى الجانب الآخر حيطان الدير الشاهقة التي كانت كأنما تغيب عن نظري في السماء وكانت تنبعث أضواء من النافذة ذات القضبان فهل كنت أنت يا امليا الساجدة أمام الصليب متوسلة إلى الله أن يرأف بأخيك وإن صور الزوبعة الثائرة في البحر والسكون السائد في الدير والناس تنكسر على الصخور في النواحي المجاورة له ومنظر اللانهائية الواقعة على الجانب الآخر من ذلك الدير ونور المصابيح المضطرب من السفن والمنار في الدير الذي يرسل الأنوار في سكون وحياة الملاح الذي لا يدري ما تبطنه له الأيام المقبلة فوق ذلك الزاخر الهزج وحياة الراهبة في الدير التي تعرف كل مستقبلها لأن حياتها صور متشابهة ومن ناحية أخرى روح هوجاء ثائرة في غرق أشد هولاً من الغرق الذي يغشاه الملاح - كل هذه القصور لا تزال منقوشة في صفحة ذهني مائلة لعين ذاكرتي فيا سماء تلك الأرض الجديدة التي تشهد الآن دموعي السواجم ويا صدى الشواطئ الأمريكية الذي يردد الآن كلماتي لقد كان في اليوم التالي لتلك الليلة الرهيبة وأنا مضطجع في السفينة أن نظرت أرض وطني تختفي عن نظري إلى الأبد ونظرت النظرة الأخيرة إلى الأشجار المهتزة التي تنمو على شواطئ وطني وكانت بروج الكنائس تصغر في الأفق.

ولما أتم رينيه قصته أخرج من ثيابه ورقة ناولها للأب سويل ثم رمى نفسه بين ذراعي شكتاس وأومأ إلى الأب - ويل وهو يحاول إخماد زفراته أن يقرأ الخطاب من رئيسة دير (ب) ويشمل تفاصيل آخر ساعة من ساعات الأخت امليا التي ماتت شهيدة حماسها وكرمها في القيام على رفيقة لها كانت مصابة بمرض معد وقد كان الحزن عليها عاماً في الدير لأنها كان لها المحلة العليا في نفوس الجميع وكن يجللنها أجلالهن للقديسات وأضافت تلك الرئيسة قولها أنها في الثلاثين سنة التي قضتها في الدير لم تنظر راهبة لها سهولة أخلاقها وتوازنها ولم تر راهبة قابلت الموت ببشاشة ورحب صدر مثلها - فضم شاكتاس رينيه في ذراعه وقال له يا ولدي لقد كنت أود أن يكون الأب أوبري هنا فلقد كان من شيمه التي عرف بها أنه يجرد من قلبه هدوءاً يخمد عواصف العقل ولقد كان مثل القمر الاضحيان في الليالي الباكيات المتعلقات بالحب فإن تلك السحب المتراكمة التي تزجيها الرياح لا تعوق