للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سخافة عقول البهائم الإنسانية وكثافة أذهانهم وقصر مداركهم وبلادة مشاعرهم وغلظة أفهامهم وانحصار أفكارهم في سبيل واحدة ترمي إلى إحراز الغذاء خوف الفناء - سبيل يلزمونها طول اعمارهم لزوم الإنسان لظله لا يريدون بها بديلاً ولا يبغون عنها حولاً ولا تستطيع قوة أن تصرفهم عنها إلى غيرها - ولا بدع فإن ما تقتضيه أشغالهم من حصر مجهوداتهم في كد القوة العضلية يضئل ويهزل القوة العصبية التي هي مصدر الذكاء والفطنة. فأمثال هؤلاء يجب أن يعطوا عماداً ودعامة يعتصمون بها ويرتكنون عليها أثناء مسيرهم على زحلوقة الحياة الزلقة وسبيلها الشائكة - أعني ينبغي أن يقدم إليهم القصص الخرافي الشائق والأساطير الخرافية المستملحة البديعة معروضاً فيها ما يهمهم ويعنيهم من مسائل الحياة والموت والروح والمادة وأسرار الكون والغاز الطبيعة في قالب الصور والحكايات إذ كان والقلب الوحيد الذي تستطيع إدراكه أذهانهم البليدة وإفهامهم البطيئة وإذ كان من المستحيل أن تسمو بعقولهم الراكدة إلى فهم التفاسير الدقيقة والفروق اللطيفة الغامضة فأنت إذا نظرت إلى الدين هذه النظرة وتذكرت أن أغراضه وغاياته عملية من الوجه الأهم نظرية من الوجهة الضأل كنت جديراً أن تراها خليقه بأجزل المدح والثناء وأجل الاحترام والتبجيل.

الفيلسوف - أجل. التبجيل الذي أساسه المبدأ القائل بأن الغاية تبرر الواسطة. إني على كل حال لا أوافق على جعل هذا المبدأ الأساس الذي عليه يبني حل هذه المشكلة وفك تلك المعضلة. أنا لا أعارض في أن الدين أحسن واسطة لكبح جماح ذوات الاثنين من بهائم الإنسانية البلداء الأذهان الخبثاء النفوس ذوي الحران والعناد والإصرار. غير أن أخا الحق يرقص الزور والبهتان وينبذ الغش والخداع مهما قيل أنه واسطة إلى الخير. وإن من أعجب الأمور أن تروج الفضيلة بوسائل الخدع والأكاذيب. أما أنا فقد أعطت بيعتي وعهدي وذمتي لسلطان الحق المبين ودخلت في شيعته وتحت لوائه ولن يراني الله ما حييت خافراً للذمة ناكثاً للعهد. وعزمي ونيتي أن أقاتل شيعة الباطل وأنصار الأخاديع والأكاذيب ذوداً عن حمى وذباً عن حريمه غير مكترث لما عساه يصيبني في تلك السبيل من الأخطار والأهوال والمتالف والمهالك. فإذا آنست من جانب الدين دلائل العداء ونوايا الاعتداء -.