الرياح في الشتاء وأيام البرد ثم لا ينبغي إذا كفلت للأطفال مستلزمات الرياضة في الهواء الطلق والنسيم العليل أن يحمل على الأطفال بالتعب ويطلب منهم الإجهاد والاستمرار حتى يدركهم اللغوب بل يجب أن تحترم رغبتهم في الراحة وينزل عن طلبهم عند الجهد والكلال. فإذا رأيت الطفل قلقاً باكياً أو نحو ذلك، فانتظر وتحر السبب لعل الباعث هواء الحجرة أو خلوها منه أو درجة الهضم عند الطفل أو فساد معدته. فإذا ألمّ به ما يلم بالأطفال من الدعكات الانحرافات فعليك استشارة الطبيب للتو والساعة وإنفاذ وصاياه ووصفاته مراعياً الدقة التامة والحذر الشديد، وينبغي لك العناية بأسنان الطفل من الحين إلى الحين والنظر إليها وتقفقد شئونها وحالاتها ثم فحص عينيه وجميع أطراف بدنه وأطراف جثمانه فإذا تيسر لك الوقوع على طبيب تستطيع أن تسترشد به في أمر تربية طفلك فلا تن عن الاسترشاد به والركون إلى نصائحه. وإذا أمكنك الحضور إلى محاضرات التربية والجلوس إلى مذكرات التمريض ودروس الإسعافات الوقتية وما إليها من الدروس التي تلقى على الجماهير لتدريبهم على مستلزمات الصحة فافعل ولا تتأخر وادخر لك إذا استطعت كتاباً أو دليلاً من الكتب الطبية التي وضعت لإرشاد الآباء خاصة.
وبد فإنه لا يتسع المقام هنا للاستطراد في ذكر وجوه عديدة من شرائط العناية بالصحة ولا استيعاب هذا الباب برمته. ولكن إذا كنت قد أدركت روح هذه التعاليم التي بسطناها لك فقد سهل عليك أن تجد لنفسك ما يلزم للطفل من العناية البدنية وما يجب وما يصلح. واعلم أننا نريد في جميع أجزاء هذا الكتاب الذي توفرنا فيه على حشد مبادئ التربية الحديثة أن نفهم الناس أن الوالد الذي يهمل أمر الصحة أو يغفل أمر الخلق إنما يهمل بذلك الصحة والخلق معاً.
الأدوار الأربعة للحياة
الآن وقد بسطنا لك المبادئ الأولية في التربية فنحن مستطردون إلى الطرائق الواجبة لها. ومن هنا يصح لنا أن نقسم التربية إلى أربعة أدوار - فالدور الأول - من وقت الميلاد إلى سن الثانية ومنتصف الثالثة. - والدور الثاني - في هذه السن الأخيرة إلى السابعة - والدور الثالث - من السابعة إلى الربيع الواحد والعشرين أو حواليه والدور الأخير من ثمت إلى السنين التالية.