الزوجات وإباحة الزواج بأربع نسوة إنما عقبت بآية أخرى وهي (وإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة) فإن هذا الشرط من الأهمية بمكان عظيم ولم يغفل قيمته علماء الإسلام وسادات الدين ففي القرن الثالث من الهجرة جعل علماء الإسلام في عهد المأمون يعلمون الناس أن مبادئ القرآن أنما تبث فكرة الاقتصار على زوج واحدة وتوحي إلى المسلمين الاستمساك بتلك الفكرة وإنها في صف فردية الزواج وعلى الرغم من الاضطهادات التي حمل بها ذلكم الخليقة المرور المتوكل على أولئك العلماء ومنع بها انتشار تلك التعاليم التي بثوها بين الناس والمبادئ التي نادوا الجماهير إليها فإن الاعتقاد بصحة تلك المبادئ لا يزال ينشر نفسه في كل مكان ويكره الجميع على الاقتناع به ويوحي إلى الجماعات الإسلامية المستنيرة المهذبة أن تعدد الزوجات يناقض تعاليم الإسلام كما هو مناقض لتقدم المجتمع المتحضر والآداب الخلقية الحقة والمدنية الحديثة.
وينبغي أن لا نسى الناس أن وجود تعدد الزوجات يتوقف على ظروف خاصة وأحوال معينة وأزمنة معلومة تجعل العمل به لزاماً وأمراً لا بد منه لحماية العنصر النسائي من شر الجوع والفاقة وإذا صحت التقارير وصدقت الإحصائيات التي بين أيدينافان أغلب الفساد الخلقي والإباحية وتهدم المبادئ الأدبية المتفشية في أكبر حواضر المدينة في بلاد الفرنجة لا منشأ له إلا الفاقة الشديدة وقد أبان الأب هوك والسيدة دف غوردون في تواليفهما أن مجرد الحاجة في أكثر الأحابين يدفع الناس في المشرق إلى إتباع فكرة تعدد الزوجات.