للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتمكن شخص منه حساسة أن يرى عياناً الشخص الذي وقعت له تلك الحادثة.

ولكني لا أكاد أصدق أن روح تلك الشخص بعينه هي التي تتراءى في مكان تلك الحادثة ولا أستطيع أن أصدق أن شخصاً كان ضحية جريمة من الجرائم منذ مائة سنة أو خمسين سنة يتقمص وتتبدى روحه في عين ألأثواب التي كان يرتديها فيتغشى الأماكن التي وقعت فيها الجريمة ولكن يجوز أن صورة الذهن تبقى ظاهرة في المكان الذي وقعت فيها آلام ذهنية شديدة.

وإن سألت كيف ولمَ فما أحد يستطيع أن يجيبك اليوم ولكن لعل الجيل الذي سيعقب جيلنا هذا قد يتمكن من حل الأسئلة، ولنضرب لك أمثلة ظهور الصور الذهنية للحوادث التي وقعت في ماضي الزمن. وإنني لا أرى مثلاً أبدع من الحادثة التي وقعت للسيدو جورديتش فربير. وهي سيدة جمعت إلى قوة الأعصاب رباطة الجأش بعد النظر والتفكير قبل التصديق والاقتناع فقد نامت تلك السيدة في حجرة من حجرات قصرها مبتون كورت وكان القصر مشهوراً بأن الأرواح ترتاده وتغشاه وقد وصفت ما حدث لها أتم الوصف حتى لا يتردد من يقرأ تلك الدقائق في الاقتناع بأن الحادثة التي حصلت كانت حقيقية ومنطقية على الوصف أتم الانطباق.

وكانت الحجرة التي تنام فيها غرفة صغيرة لا أستار لها ولا حجب. وليس بها إلا باب واحد بجانيب السرير وقد جاءت تلك السيدة إلى القصر خاصة لرؤية الشبح الذي يرتاد جوانب القصر فظلت ساعات من الليل تقرأ في كتاب ثم أخذ بها النوم ولكنها لم تلبث أن استيقظت على أصوات حركة وكان الظلام دامساً وخيل لها أن قوة مجهولة تمنعها من الوصول إلى المكان الذي وضعت عنده ثقاب الكبريت عندما أرادت أن تضيء الحجرة. ولما سألت عن الطارق لم تلق جواباً. وللحال ظهر بصيص من النور في وسط تلك الظلمة الحالكة وجعل البصيص ينتشر ويشع ويضيء حتى بان شبح سيدة مشوقة القد نحيلة جعلت تخطو ببطء في الحجرة حتى بلغت أقصى ركن منها فوقفت ثمت لا تتحرك. وقد استطاعت السيدة رواية الحادثة أن تتبين أن الشبح بكل دقة وقد وصفت تلك السيدة التي تراءت لها فقالت كان لها وجه جميل. وجه امرأة في الثلاثين أو تزيد خمساً. وكانت نحيلة في ثوب رمادي ناعم. قميص ووشاح.