للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* * *

إن السمو لا يأتي إلى الروح من طريق تضحية النفس وإن النفس كلما صارت أسمى أخذت التضحية تختفي عن الإبصار كما تختفي أزهار الوادي عن ناظر الصاعد الجبل وإن التضحية لعلامة جميلة على قلق الروح ولكن القلق لا ينبغي أن يعيش وأن يتغذى في نفوسنا من أجل نفسه والروح التي على طريق اليقظة ترى في كل شيء سبباً للتضحية ولكن أشياء قليلة تظهر كذلك للروح التي صارت لا ترى في أنكار النفس والرحمة والتطوع جذوراً لا يستغنى عنها بل فيها أزهاراً خفية، وكثيرون من يهدمون قصور سعادتهم ويطفئون أنوار مآلهم المتألقة ليصلوا إلى رؤية أوضح للنفس في اللهب المتهالك الفاني وكأنهم يمسكون في يدهم مصباحاً يجهلون طريقة استعماله فإذا انتظم سلك الليل وتشوقوا للأنوار بددوا مادته في نار غيرهم ولنحذر أن تعمل عمل الرجال في الخرافة الذي وقف يحرس المنارة ثم تصدق بزيتها الذي كان يضيء فيملأ البحر نوراً، وإن كل روح في فضائها منار تتفاوت حاجتها إليه وإن القوة اللامدية التي تغير في أرواحنا ينبغي أن تضيء أولاً لنفسها لأنها بهذا الشرط فقط ستضيء للآخرين أيضاً.

* * *

إن أصغر فكرة مسلية فيها من القوة في ذاتها ما ليس موجوداً في أبلغ شكوى وأفصح تعبير عن ألم وحزن، وإن الفكرة العامة المتسعة العميقة التي لا تجلب سوى الحزن لقوة تحرق أجنحتها في الظلام لترمي أشعة حول جدران سجنها وإن أبسط فكرة أمل أو خضوع بارتياح لقانون لا مندوحة عنه لقوة في نفسها.

علي أدهم