للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لئن فات مصراً أن يموتوا بأرضها ... لقد ظفروا بالبعث من تربها الغالي

وما شغلتهم عن هواها قيامة ... إذا عتل رهن المحبسين بأشغال

حملتم من الغرب الشموس لمشرق ... تلقى شفاها مظلماً كاسف البال

عواثر لم تبلغ صباها ولم تنل ... مداها ولم توصل ضحاها بآصال

يطاف بهم نعشاً فنعشاً كأنهم ... مصاحف لم يعل المصلى علي التالي

توابيت في الأعناق تترى زكية ... كتابوت موسى في مناكب أسراله

ملففة في حلة شفقيه ... هلالية من راية النيل تمثال

أظل جلال العلم والموت وفدها ... فلم تلق إلا في خشوع وإجلال

تفارق داراً من غرور وباطل ... إلى منزل من جيرة الحق محلال

فيا حلبة رقت على البحر حلية ... وهزت بها (حلوان) أعطاف مختال

جرت بين أيماض العواصم بالضحى ... وبين ابتسام الثغر بالموكب الحالي

كثيرة باغي السبق لم ير مثلها ... على عهد اسماعيل ذي الطول والنال

لك الله هذا الخطب في الوهم لم يقع ... وتلك المنايا لم يكن على بال

بلى كل ذي نفس أخو الموت وابنه ... وإن جر أذيال الحداثة والخال

وليس عجيباً أن يموت أخو الصبا ... ولكن عجيب عيشة عيشة السالي

وكل شباب أو مشيب رهينة ... بمعترض من حادث الدهر مغتال

وما الشيب من خيل العلي فاركب الصبا ... إلى المجد تركب متن أقدر جوال

يسن الشباب البأس والجود للفتى ... إذا الشيب سن البخل بالنفس والمال

ويا نشأ النيل الكريم عزاءكم ... ولا تذكروا الأقدار إلا بإجمال

فهذا هو الحق الذي لا يرده ... تأفف قال أو تلطف محتال

عليكم لواء العلم فالفوز تحته ... وليس إذا الأعلام خانت بخذَّال

إذا مال فاخلفوه بآخر ... وصول مساع ولا ملول ولا آل

ولا يصلح الفتيان لا علم عندهم ... ولا يحرزون السبق أنصاف جهال

وليس لهم زاد إذا ما تزودوا ... بياناً جزاف الكيل كالحشف البالي

إذا جزع الفتيان من وقع حادث ... فمن لجليل الأمر أو معضل الحال