للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أكثر من أربعة آلاف لؤلؤة. . . .

عجائب الطبيعة

وحيرة الإنسان في حل أسرارها

الطبيعة ملآي بالأسرار وهي تضع رموزاً يحار الإنسان في حلها. ولها ألف عجيبة وعجيبة يظل أمامها شارد اللب لا يدرك لها حكمة أو سبباً.

أليس من عجائب الطبيعة أن نري الغربان وهي ترف فوق الأفنان. أو تستريح فوق السرحان. أو في الحقول. فتق الأرض والنبات - لا تزال تندب من صفوفها حارثاً يقف عن كثب ديدبانا يرقب أي خطر. فإذا رأى ثمت ما يخشى على الجمع منه نبه اخوانه إليه فطار السرب جميعاً. فكيف أدركت الغربان وجوب الحراسة وندب الديدبانات هذا ما نحار في إدراك كنهه.

ولا يتنس ما يكون في الحدأة، فإنك إذ تطلق أول طلقة من قذيفتك ترى الحدآت أسرع ما يكن إلى الطير في الفضاء رعباً وهولاً. على أنها تصل إلى مكان بعيد في الهواء تدرك منه أن رصاصتك لا تصل إليها تقف حينئذٍ في مكانها ولا تبرحه! وإن استرسلنا نطلق الرصاصات تلو الرصاصات. . . . فكيف علمت تلك الطيور أنها في نجوة من الخطر ومأمن؟

ونحن نعلم أن الديك الرومي أشد مخلوقات الله نفساً مغرورة، وعطفاً تياها، ونفخة مزهوة. وهو طائر قوي متكبر جارح عداء، إن لم يجد شجاراً خلق شجاراً. وإن لم يقع له التنافر أبي إلا أن يكون متنافراً. على أنه أول طائر يجري إذا استحر القتال وحمى وطيس الشجار. فكيف إذا أتيحت له هذه الطبائع المتناقضة وكيف ركبت فيه الطبيعة تلك الخصال المتعارضة؟ هذا ما لا نستطيع أن نفهمه.