للحياة في نفوسنا وأنه هو الحادي بالإنسانية في مسيرها إلى الكمال الإلهي الذي لا محيد عنه.
الحزن الفلسفي
لقد طالما عبر عن الحزن الفلسفي في كلمات محزنة المعنى، وكما أن المؤمنين السالكين الذين ترقوا إلى الدرجات العالية في الكمال الأخلاقي يذوقون مطارب الاستسلام ومباهج الزهد فكذلك العالم العارف يغريه كون كل ما حوله مظهراً فارغاً وادعاء باطلاً على أن يستقى من حياض ذلك الحزن الفلسفي وأن ينسى نفسه من ملذات اليأس الساكن الوديع، وهذا الحزن الصامت الجليل من مرة لا يرغب إبداله بكل عبث الحياة ولهوها وزينتها وبهائها ولا يود بيعه بكل الآمال الفارغة التي تستهوي جماعة الجهال وترضي فريق العامة، وإن المعترضين الذين يتناسون الجمال الفني لهذه الأفكار ويرون فيها سما للمجتمع وفناء للأمم قد يخفقون من حدة كرههم إذا علموا أن عقيدة الوهم العام وأن كل الأشياء في فيض وتتابع فلا قرار لها قد انتشرت واستفاض أمرها في العصر الذهبي للفلسفة اليونانية مع زيفون وانها كانت يسكن إليها ويطمئن لها في أكثر عصور الحضارة تهذيباً وتمدينا أصفى العقول وأهداها وأشدها إحساساً وتنبهاً أمثال ديموقريتس وابيقور وجاسندي.
طيران الزمن
الزمن وهو يطير يجرح أو يقتل أحمى وأحد عواطفنا وأرق وأحلى مشاعرنا وهو يسكت الإعجاب ويخرسه ويجرده من عنصريه الرئيسين وهما الدهشة والعجب وهو يهدم صروح الحب ويذهب بسخافاته اللذائذ وهو يهز قواعد اليقين ويميل برواسي الأمل ويعري كل نمو بريء من وروده واوراقه ويا ليته يترك لنا الشفقة فلا نرمي من الشيخوخة في سجن ضيق مسود الأرجاء شبيه بالقبر وان من طريق الرحمة أن أبقينا على رجولتنا ودعنا لا نتحول إلى أحجار مثل الذين حابوا الآلهة في لأساطير القديمة ولنشعر قلوبنا الرأفة بالضعيف ونأخذ من أحزانه بنصيب لا يقاسي الاضطهاد وبالمنعَّم المسعود لأنه مكتوب واهاً لمن يضحك ولنأخذ الجانب الصالح وهو أن نشارك المتألمين في آلامهم ولنقل من أطراف الشفاه وأطراف القلب لصرعى الدهر وضحاياه قول المسيحي الصالح لمريم دعيني أقاسمك الهموم دعيني