للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خصوم الثورة وهم أصحاب المال والارستقراطيون وكهنة الدين.

وفي كل بلدة أو محطة غرفة للمطالعة تقوم فوق جدرانها هذه الإعلانات المصورة وفيها تجد الكراسات التي تنشر فكرة خاصة عن موضوع خاص ولهم أيضاً قطر السكك الحديدية المعدة لنشر الدعوة - وعددها ستة - وهي مسلحة بكل وسيلة للإعلان والنشر. ففي كل قطار تياترو وسينماتوغراف ومطبعة وجوقة موسيقية وهكذا يزخرف البلشفيون الحياة ويبعثون فيها لذة وفتنة.

وهم يجمعون بين استخدام القوة واستخدام الإقناع والجدل. مثال ذلك الطريقة التي يتبعونها في جمع الغلال من الفلاحين وهي التي يأخونها بديلاً من الضرائب. وقد صور تولستوي وسائل الإرهاب والجلد التي كانت تتبعها الحكومة القيصرية في جمع الضرائب أما البلشفيون فيتبعون وسائل أخرى، ذلك أنهم نظموا شرطة خصيصين لجمع الغلال وهؤلاء لا يتقاضون ما للحكومة قبل أن يعقدوا اجتماعات عامة للفلاحين ينبري فيها الخطباء للتأثير على السامعين بالكلام عن حاجة المدن وبؤس أهلها فإذا انتهوا من البلاغة وإقامة الحجة خلع الشرطة أرديتهم وأخذوا المناجل وانحنوا على الأرض للحصد والجمع، وهكذا يجمعون إلى قوة البيان قوة البندقية.

وقد صرفت في فلدمير وقتاً استمعت فيه خطباء البلشفيين وهم معروفون بلقب (الدعاة) (ولعل ألطفهم وأفتنهم النساء) وعمل هؤلاء الدعاة شاق فإنه ليس ما يستهان به إقناع القرويات الروسيات بنظريات البلشفية وحملهن على تسليم أولادهن إلى المدارس التي أقاموها ولهم في هذا السبيل وسائل ممتعة جميلة، ذلك أنهم ينظمون حفلات (بساتين الأطفال) ويدعون الأمهات إليها فتأتي الأمهات ويبتهجن بهذا النوع من التعليم ويطلبن إلا كثار منه.

ولعل أكبر الصعوبات في سبيل البلشفية هي مسألة الدين، والبلشفيون أهل تسامح ولكنهم معادون لرجال الدين عداء قاسياً لأن الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا أشد العالم كله تأخراً وأكثرها تشبثاً بالخرافات السخيفة والبلشفيون معدودون عند الكبار وأهل الجيل الماضي كغرة ملحدين ولكنهم ليتخذون من انحطاط رجال الدين وسيلة للاستظهار عليهم والظفر بهم فالخرافات التي يروجها القساوسة هي التي يستخدمها البلشفيون وسيلة لنقد الكنيسة،