للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذين ترسلهم السماء إلى هذه الأرض في الوقت المناسب. ومن الحين إلى الحين رحمة للعالمين.

لا يعرف البطل ولا يقدره حق قدره ولا يحبه ويحترمه ويؤمن به ويشد أزره ويهتدي بهديه وينقاد إليه إلا كل من كان فيه عنصر البطولة،. فكل من يفطن إلى بطولة سعد فيقدسه ويؤمن به إيماناً تاماً مطلقاً لا شوب فيه ولا حد له، فذلك لأنه هو الآخر رجل بطل صادق مخلص طيب العنصر كريم المنبت كبير القلب عظيم الروح إلهي النزعة وقد ما قيل (إنما يعرف الفضل من الناس ذووه) وكل من لا يؤمن بسعد كبطل من إبطال الدنيا فلا يستشعر حبه واحترامه وتقديسه والتفاني فيه والاستماتة في ذلك إلى حد التهوس والجنون فهو إما رجل جبان مروع منخوب القلب، أو رجل حقود حسود رانا على قلبه القوة الغضبية، وهوت بها إلى ما هو دون مستوى الإنسانية العالية، أو رجل خاوي النفس فاتر الروح بليد القلب، أو رجل ماكر خبيث ملحد ناضب معينت الإيمان فلا قلب ولا صدق ولا إخلاص، وبالتالي لا خير فيه لنفسه ولا لأهله ولا لدينه ولا لوطنه.

من أكبر خصائص البطل أن يكون أشياعه ومريدوه من ذويي الأرواح الطاهرة النقية البريئة أو القلوب الحارة المتأججة المضطرمة، ومن ثم نرى أول من يؤمن به وببطولته هم أولئك الذين لم تلوث فطرهم، ولم تدنس من اللؤم أعراضهم، من الشباب والنساء والأطفال والعامة والمصطفين الأخيار من الخاصة. وترى أشد الناس عداوة له ومناوأة، أو المتثاقلين في أمر الإيمان به، هم أولئك الذين يعبر عنهم في هذا العصر الغريب بأرباب المصالح أو المعتدلين أو المفكرين، لأن هؤلاء لأنهم ماديون أرباب غايات دنيوية عاجلة، أو لأنهم فاتروا الأرواح خائروا النفوس ومتبلدوا القلوب، أو لأنهم لؤماء ماكرون، يظنون أن البطولة تقف عثرة في سبيل غاياتهم، أو هي حجة قائمة على بلادتهم وفتور أرواحهم، أو هي إعلان عن ضآلتهم وحقارة نفوسهم.

ليس انفضاض الناس من حول البطل مما يعيبه أو يتنقصه أو يصح اتخاذه سبيلاً لغمره أو غمط بطولته - وفي الحق، أن ذلك من أحمق الحمق، لأن انفضاض الناس من حول البطل إنما هو على العكس آية على انحطاط الجيل، إذ تنوء البطولة بأهله ولا يطيقون لها احتمالاً فيدركهم الإعياء والكلال ولا يستطيعون مضياً في سبيل البطولة فيتراجعون