للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصين. فهناك تناول غداءه متبوئا أشرف منزلة في مكان ناثرا نظرات العظمة والكبرياء على كل من حوله ملتفتا إلى المرآة من حين لآخر يصلح فيها من هيئته وينضد من طرته وسوالفه. وهنالك شرب زجاجة من (الشمبانيا) - تلك التي يسمع عنها بالرواية فقط ولما خالطت رأسه الخندريس خرج من المكان ثملا يترنح مملوءا جذلا ومرحا. فسار في أنحاء المدينة مختالا يتبختر يصوب (نظارته) إلى كل من صادفه. وفي أثناء مسيره لقي أستاذه القديم فتعامى عنه زوايا وجهه وراغ منه فرارا حتى لقد حار الأستاذ في ذلك وبهت دهشة وجمد في مكانه برهة طويلة وقد ارتسمت على وجهه أمارة التعجب وعلامة الاستفهام.

وفي تلك الليلة ذاتها نقل إلى مسكنه الجديد كلما لديه من الأثاث ة الأمتعة والآلات والأدوات والصور والنقوش والألواح والريش والألوان. فصفى أحاسن ما عنده من الصور في مواضع ظاهرة بارزة ونبذ الأردأ الأخس في زوايا المكان ومخابئه وشرع يجول في أنحاء غرفه المؤنقة الجميلة جيئة وذهابا وإقبالا وإدبارا. دائم التأمل في المرايا. لقد ثارت في نفسه شهوة الظهور والإشهار وتوقدت فيه غلة إلى الصيت والذكر والفخار وطنت في أذنه صيحات تقول هذا شارتكوف! ألم تبصروا شارتكوف؟ هل يوجد في العالم من لم يسمع بصيت شارتكوف؟ ما أبرع شارتكوف! ما أسرع شارتكوف ما أروع شارتكوف أي مصور يبلغ عشر معشار شارتكوف) لقد جعل - وهذه الصيحات المفرحة تدوي في أذنيه - يجول أنحاء غرفه الجديدة بأقصى حالة من ذهول الفرح.

وفي اليوم التالي أخذ خمس ليرات ومضى إلى دار جريدة سيارة فقابل صاحبها وسأله الإعلان عنه فاحتفى به الصحفي أشد احتفاء وخاطبه (سيدي الأستاذ الأجل الأعظم!) واستفهم عن اسمه ومولده ومسكنه. وفي غد ذلك اليوم ظهر الإعلان الآتي عن المصور شارتكوف تحت إعلان عن (أجود صنف من زيوت لوكا والشمع الإسكندراني (والعسل النحل) وهذا نص الإعلان.