للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن الإنكليز لم يفلحوا في تشويه الغرض الحقيقي من حركتنا في المطالبة بالاستقلال كما أفلحوا الآن في حمل الناس على الاعتقاد بأن حركة الموبلاه حركة دينية فحسب!.

والآن ننتهي إلى وصف الزعيم غاندي وشرح مذهبه ليتبين مبلغ تأثير هذا الزعيم ومذهبه في حدوث الفتنة الحالية. لا حاجة بنا إلى القول أن غاندي أكبر الزعماء الآن في الهند وأن شخصيته العظيمة تجبر كل من أقترب منه على الاعتراف بها. وكفى تأيداً لمكانة هذا الزعيم ما ورد في البرقيات من دعوته محمد علي لزيارة ملابار الموبلاه، وقد قابله حاكم الهند العام وطلب منه أن ينصح زعماء الثورة بالهدوء وإلا عرضوا أنفسهم للمحكمة. وبلغ غاندي مكانته هذه في الهند بقوة خلقه ومتانة عقيدته وإيمانه بأن القوة الروحية تقهر القوة المادية إذا اشتبكتا معا. وقد سجن مراراً واحتمل شظف العيش وضنكه دون أن يفل ذلك من عزيمته. وهو يقول إن احتمال الألم والصبر على المكاره وقهر النفس هي التي ستنقذ الهند من الحكم الأجنبي وهو ينادي بأن المقاومة السلبية قوة لا تغلب وإنها صائرة بالإنجليز إلى الخروج من الهند. ونتج من هذه الدعوة إلى المقومة السلبية حركة مقاطعة لكل ما هو إنكليزي، حتى لقد اجتمعت الآلاف من الهنود في مدينة بومباي تحت زعامة غاندي وأخذوا يحرقون أكواما هائلة من الثياب المصنوعة في إنجلترا إعلانا عن عزمهم على مقاطعة المنسوجات الإنجليزية التي تبلغ ما تستورده الهند منها سنويا نحو ٤٠٠ مليون جنيه كما تقول التيمس كذلك أخرج الهنود أولادهم من مدارس الحكومة وأدخلوهم مدارس أهلية أنشأها أنصار غاندي لنشر العلم الخالي من مساوئ المدنية الغربية. ويعرف أنصار غاندي في الهند بتقشفهم وقلنسوتهم المخصوصة وثيابهم الخشنة المصنوعة في مغازل بلادهم أو بواسطة الأنوال اليدوية. ولا ريب أن فكرة المقاطعة هذه لكل ما هو إنجليزي أنبتت في نفس الهندي شيئا من الإزدراء بالإنجليز والاستخفاف بهم، حتى قال الحاكم العام في تقريره (إن الهنود أصبحوا يحتقرون السلطة الشرعية). وقد كتب أحد الصحفيين الهنود نبذة عن غاندي ومذهبه في صحيفته التي تصدر في بوماي قال فيها:

(يوجد في هذا العصر ثلاثة رجال قد أضافوا رواء جديدا لعبقريتنا، وأروا العالم مقياسا من البنية التي يمكن أن تصل إليها الرجولة الهندية. هؤلاء ثلاثة هم تاجور في الأدب، وبوز في العلوم، وغاندي في الأعمال العامة. يقول بيرك (إن مبادئ السياسة هي مبادئ