للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خمسة وعشرين عاما كان سلوكه معها خلالها مضرب المثل في الصدق والإخلاص والأمانة وفي الرخاء والصفاء والسعادة وما برحت خديجة أثناء ما انهال عليه مطاعن الوثنيين وإساءاتهم ومن مظالمهم واضطهاداتهم عونه الوحيد وعضده وساعده لم تزايله طرفة عين ولم تأل مواساة له ومؤازرة ولما توفيت خديجة كان محمد في الواحدة والخمسين من عمره بل على الرغم منهم يسلمون أن محمدا لبث طول هذه المدة مبرءا من كل سوءة طاهر الذيل من كل مدنسة نقيي الجبيب من كل لوثة ناصع الصحيفة مأمون الغيب وفي حياة خديجة لم يتزوج امرأة قط غيرها بالرغم من أن عادات البلاد وتقاليدها يومذاك كانت تخوله هذا الحق لو أراد.

وبعد وفاة خديجة ببضعة أشهر يوم عاد محمد من الطائف مضطهدا لا عون له ولا نصير تزوج سعدى أرملة رجل من الأعراب كان قد اعتنق الإسلام ثم اضطر للفرار إلى الحبشة هربا من أذى المشركين ثم مات هذا الشريد في ديار الغربة وخلف سعدى أرملة لا عائلة لها ولا ناصر فلم يجد محمد حسب عادات البلاد وتقاليدها سبيلا إلى حماية الأرملة أو صيانتها وإنقاذها غير التزوج بها ولا مراء في أن مبادئ المروءة والشرف والإنسانية وبواعث الرحمة والعطف والرأفة كانت تقضي على الرسول بذلك وكيف لا وإنما في سبيل محمد ومن أجله وتذرعا إلى نصرة دينه وتأييده بدل زوجها روحه وقد لازمته زوجته سعدى في منفاه واغترابه وأيام محنته ومصابه ثم عادت إلى مكة مضيمة منكوبة مهيضة الجناح دامية الجراح وحيدة مستوحشة فريدة فرأى محمد على الرغم من فرط فاقته إذ ذاك وشدة عوزه واحتياجه حتى إلى القوت الضروري أنه لا سبيل لإنقاذ المسكينة إلى التزوج بها. لها بقية