للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جامحة مطلقة من أن أعمل عملا أجهل عاقبته وبإتباعي لهذه الطريقة وسلوك هذا المسلك تراني مقتنعا بسكون العقل التام وصفاته الخالصة.

فقلت لهلو كنت في موضعك لما أمكنني أن أشعر بنفسي السلام والأمن والهدوء الذي تشعر به وإنك لا تستطيع ولن تستطيع ولا يمكن أن يكون قد تهيأ لك أن تسحق في نفسك كل المعرفة والفكر والعمل وتخمدها لتطعم الراحة النقية الخالصة.

ولا تنس أنه مهما فعلنا فإن الحياة هي العمل وأن نعيش هو أن نعمل وإن نتائج المخترعات العلمية والاستكشافات تخيفك لأنها لاتحد ولا تحصر ولكن اعلم أن أبسط الأفكار وأشد الأعمال الفطرية تتضمن أيضاً نتائج لا ينالها الحصر ولا يحويها العد وإنك لتكون قد أفرطت في مدح العقل وأكثرت من التنويه به وبالصناعة إذا ظننت أنهما هما المتحكمان في مصير الإنسانية وإن كثيرا من أشياء هذا العالم تصنعها القوات الجاهلة الغير الشاعرة بنفسها وهل في وسعنا أن نتنبأ بتأثر اكبر حصى أزيحت من جانب التل! أنها قد تؤثر في مصير الإنسانية تأثيرا ظاهرا فعالا أكثر مما يؤثره طبع كتاب علمي قيم واختراع مثل اختراع الكهرباء.

وإن ظهور الاسكندر ونابليون على ملعب الأيام لا يمكن أن يرد إلى أسباب فكرية مقصودة وليس هو من النوع العلمي ولكن على رغم كل ذلك فإن مصير ملايين البشرية تأثر بظهورهما واشتبك فيه وهل تظن أننا ندري قيمة المعنى الحقيقي لما نعمل وأن في كتاب ألف ليلة حكاية لا يمكنني أن أمسك عن تفسيرها تفسيرا فلسفيا وأقصد بذلك حكاية التاجر العربي الذي جلس وهو عائد من الحج إلى مكة على حافة عين جارية ليأكل بعض الثمر وكان يروي بنواة في الهواء فكان أن واحدة من هذا التمر قد قتلت مخلوقا غير ظاهر - أحد أولاد الجان - ولم يكن ذلك التاجر التعس يحلم أنه سيحدث ذلك من وراء رمي النواة ولما أخبر بهذه الجريمة التي اجترمها أبلس حتى لم يكد يجيب من الخوف والذعر ولم يكن قد أعمل الفكر من قبل في العواقب المحتملة لأي عمل نعمله فهل نستطيع أن نعلم إذا رفعنا ساعدنا أننا سوف لا نصفع جنيا في الهواء كما حدث للتاجر؟ وإني في مكانك لا أستطيع أن أشعر بالراحة والطمأنينة ومن علمك إن إقامتك الهادئة في هذه الصومعة التي زاد فيها نمو اللبلاب وغيره من النباتات الصخرية ليست عملا صادق التأثير نافذ المفعول في