للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمراً من مباحات الدين. لو تركاه لكان ذلك خيراً فلا بدع أن يكون للحب شأن في هذا القران.

فتسمع الكاهن أمام الهيكل يسأل العروس أراضية هي بذلك الرجل زوجاً لها وهل تقره مولى وسيداً؟؟ ثم لا تسمعه يسألها أتحبه أم تبغضه لأنه لا يرى الحب فرضاً من فروض كتابه.

فإذا هويت الزوجة المسكينة بعد ذلك رجلاً تم بينها وبينه فعل الانتخاب الجنسي. فأولى أن لا يصلح ذلك مبرراً لتسريحها من زوجها وإيصالها بمن أحبته ومتى زوجها الحب فيكون له أن يطلقها أو يزوجها من رجل آخر؟؟

من ثم أنكرت المسيحية طبائع النفوس التي لا سبيل إلى إغفالها، وأبت أن تعترف بموجب للطلاق، فإذا غلبت الزوجة أهواؤها أصبحت فاجراً ينبذها المجتمع وتقتص منها الشريعة. فإذا القاضي الذي يعفو عن لص سرق رغيفاً من الخبز ليدفع عنه ألم الجوع. لا يعرف للرحمة موضعاً في عقاب امرأة زلت نفسها طوعاً لمحركات الفطرة فتراه يسلم في الأولى بأن مطالب الطبيعة قد تغلب في النفس واجب رعاية الشريعة. ولا يسلم به في الثانية.

ويحسب نوردو أن هذه الشريعة ابتكرها الشيوخ الفانون، والرهبان المتبتلون، والناس لا يقرونها إلا أمام القضاء. وأنه لمن العجيب كما يقول نوردو أن يجل الرجل حكم القاضي بسجن الزانية، ثم تبصره يطرب للشاعر الذي يرتل أمامه قصائد العشق ويسرد له وقائعه إلى أقصى غاياتها، ولا يدل ذلك إلا على أن النفوس جبلت على الإقرار بالعشق ولكنها تتجاهله من جانب الأنانية وحب الاستئثار.

وقد أثبتت الملاحظة أن استمرار الزواج لا يرتكز على عاطفة من عواطف الإنسان، فالنفس لا تميل إلى التقيد بزوج واحد، ولكن الضرورة ألجأت العشائر الأولى إلى تقييد الزوج بزوجته، لأنها أضعف من أن تتكفل برزق أولاده، ولأن العشيرة لا ترضى أن تتحمل عنه تربيتهم، فكان لا بد للزواج من صلة تمتد إلى أبعد من صلة الشهوة.

على أنه لا سبيل إلى بقاء تلك الصلة مدى الحياة، فإن في ذلك من مجاوزة أحكام الطبيعة ما فيه. قال: وخلنا نفترض أوفق الفروض وأحراها بإطالة العشرة بين الزوجين فهل تحسب ذلك مغنياً الناس عن تدبير الطلاق؟؟