للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فمضت بسرعة وأتت ونزعت الرقع وتقنعت بخمار أسود وهي تقول:

ألا حي ربي معشراً قد أراهما ... ألما ولما يصدقا مبتغاهما

هما استسقيا ماء على غير ظمأة ... ليستمتعا باللحظ ممن سقاهما

يذمان تلباس البراقع ضلة ... كما ذم تجر سلعة مشتراهما

فشبهت كلامها بعقد در وهي من سلكه فهن ينتثرن منه بنغمة عذبة رخيمة رطبة لو خوطب بها الصم الصلاد لانبجست بالرطوبة منطقها وعذوبة ألفاظها كما قال ذو الرمة:

ولما تلاقينا جرت من عيوننا ... دموع كففنا غربها بالأصابع

ونلنا سقاطاً من حديث كأنه ... جنى النحل ممزوجاً بماء الوقائع

ووجه يظلم في نوره ضياء العقول وتتلف في روعته مهج النفوس وتعزب عن إدراكه أصالة الرأي ويحار في محاسنه البصر كما قال الأول:

فدقت وجلت واسبكرت وأكملت ... فلو جن إنسان من الحسن جنت

ولم اتمالك أن خررت ساجداً وأطلت من غير تسبيح فقالت أرفع رأسك غير مأجور وامض لشأنك غير موزور ولا تذما بعدها برقعاً فربما يكشف عما يطرد الكري ويحل القوى من غير بلوغ أرب ولا أدراك مطلب ولا قضاء وطر وليس إلا الحين المطلوب والقدر المكتوب والأمل المكذوب فبقيت والله معقود اللسان عن الجواب حيران لا أهتدي لطريق الصواب فالتفت إلى صاحبي وقال لي لما رأى هلعي كالمسلى لي عما أذهلني ما هذه الخفة لوجه برق لك بارقة حسن لعلك ما تدري ما تحته أما سمعت قول ذي الرمة:

على وجه ميّ مَسحة من ملاحة ... وتحت الثياب الخزي لو كان باديا

فقالت الأم ذهبت لا أب لك كلا والله لأنا بقوله أشبه وأنشدت:

منعمة حوراء يجري وشاحها ... على كشح مرتج الروادف أهضم

لها بشر صاف وعين مريضة ... وأحسن أيماء بأحسن معصم

ثم رفعت ثيابها حتى بلغت نحرها أو جاوزت منكبيها فإذا قضيب فضة قد حسا ماء الذهب يهتز على مثل كثيب نقا وصدر كالوديلة عليه كالرمانتين أو كحقى عاج يملأ يد اللامس وخصر مطوي الأندماج تهتز على كفل رجراج لو رمت به عقدة لانعقد وصرة مستديرة يقصر فهمي عن بلوغ وصفها من تحتها أجثم جاثم كجبهة ليث حادر وساقان خدلجتان