لطيفة فليس بدعاً في الرأي ولا مستنكراً في القول أن نذهب إلى أن كل فرنسي لعهد هذا الرجل كان نابليوناً صغيراً. وعلى هذا تكون عنايتنا بكلامه وآرائه عناية بآراء فرنسا وأفكارها ومذاهبها وقد وقفنا منذ أيام على كتابين معربين عن أصل انجليزي واحد جمع فيه واضعه كلمات نابليون وقليلاً من رسائله وآرائه فيما كان يقع في زمانه من الحوادث ويعرض له من الأمور فقلنا أو بلغ من رواج المعربات ونفاق سوقها وكثرة طلابها وخطابها في مصر أن يعرب الكتاب - الواحد رجلان على علم أحدهما بما سبق إليه صاحبه ثم سألنا نفر من أصحابنا وإخواننا أن نقارن بينهما فاستخرنا الله في الموازنة بينهما والمفاضلة بين كتابيهما أما المعربان فأحدهما محمد لطفي جمعه واسم كتابه حكم نابليون والثاني إبراهيم رمزي واسم كتابه كلمات نابليون والاسم الثاني أصح ولذلك صدرنا به كلمتنا فيهما لأنه أدل على ما انطوى عليه الكتاب وانكسرت عليه فصوله وأبوابه وإنما هي كلمات كان يرسلها نابليون لا يقصد بها الحكمة أو الفلسفة وما أظن قوله يودع جنده إن قلبي معكم فلا تنسوني يدخل في باب الحكم أو هو منها في شيء قد أهمل لطفي جمعه أن يذكر على الكتاب أهو الواضع له أم غيره ولست أدري ماذا أراد بقوله أنه من قلمه؟ أليوهم صغار الناس أنه هو مؤلفه وجامعه والحقيقة غير ذلك أم هو السهو والنسيان لعنهما الله فلشد ما يخزيان الفتى ويخجلانه.
وبعد فإن كتاب رمزي أحسن منحى وأسد منهجاً، وأجزل تعبيراً وأعذب مورداً، وأحسن تنسيقاً وتبويباً، وأغض مكاسر وأصدق تعريباً ولطفي جمعه سخيف العبارة مبتذل التراكيب، عامي الألفاظ، كثير اللحن، جم العثار، قليل العناية بترتيب الأبواب، سيء الحرص على معاني الكتاب، شديد التصرف بالنقص والزيادة، والحذف والإضافة، وبالجملة فإن كتابه كما قال فيه أحد الأدباء الظرفاء معارضة للأصل ولا تعريب له وبيان ذلك جميعه أن الفصل السابع في كتابه جاء بعد الثالث، والرابع بعد التاسع، وهذا منتهى ما وصل إليه اضطراب التأليف واختلال النظام، ولعمري لو أن رجلاً تعمد أن يفسد كتاباً بما يقدم ويؤخر منه لما استطاع أن يأتي بأسوأ من ذلك. ولقد بلغني والعهدة على الراوي في شرح ذلك وتعليله أن نفراً من أخوانه أعانوه على نقل الكتاب وكانوا أمضى منه فيما استكفاهم وأسرع إلى قضاء مقترحه. وهذا وإن كنت لأقول به فلست مع ذلك أنفيه عنه فأنا