للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المحظورات أو بالطرارين واللصوص ومزيفي النقود وأصحاب الاحتيال ومن لا معاش لهم إلا من الفسوق أو الإغراء عليه! أتراكم تحملون القانون على إباحة الجرائم لأن طائفة من الناس لا مرتزق لهم إلا منها ولا معاش لأولادهم ونسائهم إلا بمزاولتها؟؟

بل نقول لهم: اصنعوا بهم ما أنتم صانعون بالأيامى والأيتام ممن تقتل الحروب عائليهم وتتركهم عالة على المجتمع!! وما أنتم صانعون بالعمال والزراع الذين تعطل عليهم الحرب مرافقهم وتمسك عنهم القوت والنفقة. وربما كان هؤلاء أكثر عديداً ممن يشتغلون بصناعة السلاح وحمله.

على أن الدنيا لا تضيق لا بهؤلاء ولا بأولئك. والموارد الاقتصادية كالشجرة، كلما انقطع منها فرع نبت فرع في مكانه، وقد كان استخدام البخار سبباً في ابتداع آلات تعمل الواحدة منها عمل المئات والألوف من الصناع، فما أغنت هذه الآلات عن الصناع ولكنها زادت الحاجة إليهم. فأصبح عددهم اليوم أضعاف ما كان قبل استخدام البخار. وإذا عرفنا أن الجنود إنما يؤخذ أكثرهم من الفلاحين وأنهم يعودون إلى فلاحة الأرض بعد صرفهم من الجيش، وجدنا لنا مخلصاً من الحيرة في أمر معاشهم، ورأيناهم في غنى عن شفقة أنصار الحرب واهتمامهم.

ولكن أليست الحرب ظاهرة طبيعية كما قالوا؟؟ أليست هي غربالاً يتنخل اللباب فيحفظه ويحجز الحثالة فينبذها؟؟ وهل هي إلا تلاحم بين القوي والضعيف، يظهر فيه القوي الصالح ويتلاشى الضعيف الفاسد؟؟

نقول هذا كلام شبيه بالحق ولكنه كذب. فلقد كانت الحرب طبيعية عادلة في زمن من الأزمان ولكنها فقدت معنى العدل في هذا الزمان.

كانت عدلاً أيام كان أصلح الأمم للبقاء أمضاهن سلاحاً وأكبرهن جنداً وأمنعهن حمى، أما اليوم فالصلاح للبقاء شيء غير المهارة في القتال والانتخاب الطبيعي يأخذ مجراه دون أن تقوم دولة على أنقاض دولة، أو تتقمص أمة فتية روح أمة بائدة، ولو أن روسيا أغارت غداً على سويسرا مثلاً لقهرتها وأفنتها، ولكن أيهما أوفق للوجود شعبه ومن منهما أنفع في أرضه بقاؤه؟؟

فالحرب اليوم ليست محكاً يظهر منه النفيس من الخسيس. ولكنها ميزان يرجح فيه أثقل