للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمن. ويراؤوهم وليذيقوهم في كل يوم ألذ ما يشتهون وأمتع ما يطلبون - أعني البعد من الموت.

فإذا كانت طلبتك الشجاعة الحقّة والبأس الصادق فالتمسهما حيث الأطباء غير موجودين وابغهما حيث الناس لا يعرفون ما الأمراض وما عواقبها ودر عليهما بين من لا يحفلون بالموت ولا يذكرونه. لأن الإنسان الفطري يعيش ويموت في سكينة كما تموت الأشجار. وإنما يهزم فؤاده وينسبه كيف يموت الأطباء بما يصفون والفلاسفة بما ينصحون والقس بما يخوفون.

فائتني بتلميذ لا حاجة به إلى هؤلاء جميعاً وإلا فإليك به عني فإني لا أحب أن يفسد عليّ غيري من أمره ما أصلح. وأطلق لي أن أفعل به ما أشاء أو فدعني وانظر غيري من الناس فهم كثر فإني رأيت (لوك) وهو من تعرف يقول وكان قد أنفق على طلب الطب بعض العمر (لا ينبغي أن يطب للأطفال لا على سبيل الحيطة ولا فيما ينتابهم من العلل البسيطة) وأنا أزيد على ذلك وأضيف إليه أني لما كنت لم أستوصف طبيباً أبداً فكذلك لن أستطب لتلميذي أميل: إلا أن تكون حياته في خطر ظاهر وما أحسبهم يقدرون إذ ذاك على أكثرهم من أن يقتلوه:

وخير علوم الطب عندي وأنفعها (قانون الصحة) وما هم لو تدبرت إلا فضيلة لا علم فإن الاعتدال والعمل خير ما يتداوى به المرء لأن العمل يرهف من حد شهوته (يعني شهوة الطعام) والاعتدال يمنعه كم أن يسيء بها إلى نفسه.

وما خلق الناس ليحتشدوا كالأغنام في مكان واحد بل خلقوا ليتفرقوا في مناكب الأرض وينتشروا في نواحيها ويحرثوها ويستخرجوا خبراتها. وما يفسد الناس إلا من اكتظاظ البلاد بهم فإن أمراض الجسم والروح بعض نتائج الازدحام والإنسان أقل الحيوانات صبراً على الاحتشاد وإطاقة للازدحام وأكثر ما يودي الموت بالناس إذا غص بهم مكان وامتلأت منهم ناحية. والمدن فاعلم قبور النوع الإنساني واجد أنه وسكانها أسرع الناس فناءً وفساداً وما زالت القرى هي التي تمد المدن بالصالح من أهلها وناسها فابعث ببنيك إليها لتثوب إليهم نفوسهم وليسترجعوا من قوتهم ما فقدوه في الأماكن المكتظة بالناس.

وينبغي أن تستكثر للطفل من الاستحمام وليكن الماء في أول الأمر حميماً حاراً ثم فاتراً ثم