للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يتسرب منها إلى النفوس، ووقيتهم شر الوقوع في أوهاقها فيفتح الله لك من أبواب السماء ما أوصده أبونا في وجه أبيك وذريته.

قال: نطقت صواباً.

ثم مضى عني أياماً لا يعاودني حتى يئست من رجوه، وخفت أن يكون قد رآه إبليس وهو يهم بسرقة أوراق الكناشة فبطش به.

فلما كنت ذات يوم في ذلك الموضع الذي لقيته فيه أخيراً، رأيته قادماً إلي من بعيد. فما هو إلا أن داناني حتى حياني ثم ألقى بين يدي قمطراً صغيراً فتأملته فإذا مكتوب على ورقة منه بلغة الجن: مذكرات إبليس وفيه خط دقيق رقمت حروفه بمداد من ماء النار على صفحائف من أوراق شجر الزقوم، فتناولت الأوراق فرحاً وهممت أن أفارقه لأتفرغ إلى قراءتها.

فقال: على رسلك. إني لأخشى وصول إبليس وأخاف عاقبة مكره مع ما منيتني به من غفران الله ورضوانه. وأنا أعرف الجن بإبليس، مثله لا ينام غريمه آمناً فناشدتك الله إلا ما كتمت هذا السر إلا عمن تثق بهم من القراء.

قلت: لك على ذلك.

وها أنا أسر للقراء بترجمة تلك الصفحات على أن يعاهدوني كما عاهدت حاذقاً أن يحفظوها في نفوسهم في موضع لا يطلع عليه ذلك الباقعة. إن كان في خبايا النفوس زاوية لا ينفذ إليها أبو مرة.